الأولى: في شروطه وهي ستة، وذلك أنه يشترط فيما قبله أمران
  فـ «أطهر» حال وفيها نظر؛ أما الأول فلان «بناتي» جامد غير مؤول بالمُشتق، فلا يتحمل ضميراً عند البصريين؛ وأما الثاني فلأن الحال لا يتقدّم على عاملها الظرفي عند أكثرهم.
  والثاني: كونه معرفةً كما مَثَلنا، وأجاز الفرّاء وهشام ومَنْ تابعهما من الكوفيين كونه نكرة، نحو: «ما ظننتُ أحداً هو القائم»، و «كان رجل هو القائم»، وحملوا عليه: {أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ}[النحل: ٩٢] فقدروا {أَرْبَى} منصوباً.
  ويشترط فيما بعده أمران: كونه خبراً لمبتدأ في الحال أو في الأصل، وكونه معرفة أو كالمعرفة في أنه لا يقبل «أل» كما تقدَّم في «خيراً» و «أقلّ»؛ وشرط الذي كالمعرفة: أن يكون اسماً كما مثلنا، وخالف في ذلك الجرجاني فألحق المضارع بالاسم لِتَشَابُههما، وجعل منه {إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ}[البروج: ١٣]، وهو عند غيره
  قوله: (أما الأول) أي: أما النظر في التخريج الأول. قوله: (جامد غير مؤول الخ) فيه أنه لا يسلم بل هو مؤول بالمشتق لأنه في معنى مولود أتى وهو مشتق ويدل له النعت به في قولهم مررت بنساء بنات لفلان فبنات صفة ولا يجعل صفة إلا إذا كان مؤولاً بالمشتق وما ذكرناه من الجواب والاستدلال عليه هو كلام المجيب بالجواب الأول الذي رد عليه المصنف وهو ابن عصفور وإذا كان ابن عصفور قال ذلك فالعجب للمصنف كيف يعترض عليه قوله: (عند البصريين) أي: وأما الكوفيون فإنهم يقولون إن الجامد يتحمل الضمير. قوله: (وأما الثاني) أي: وأما النظر في التخريج الثاني. قوله: (على عاملها الظرفي) أي: لأنه عامل معنوي والعامل المعنوي لا يتقدم الحال عليه عند الأكثر بل عند الأقل وتخرج القرآن على القول الضعيف لا. يصح ولو كانت القراءة شاذة، وإنما يخرج القرآن على الأقوال المشهورة قوله: (والثاني) أي من الأمرين المشترطين فيما قبله. قوله: (كونه نكرة) أي: كون السابق على ضمير الفصل نكرة. قوله: (كان رجل) رجل اسمها والقائم خبرها وهو ضمير فصل لا محل له قوله: (أن تكون أمة) أمة اسمها وأربي خبرها وهي ضمير فصل فقوله فقدروا أربى منصوباً أي لأجل أن يكون خبراً لكان والحق أن هي مبتدأ وأربي مرفوع خبر والجملة لكان. قوله: (كما تقدم في خيراً وأقل) أي: لأن أفعل من لا يقترن باللام سواءً كانت من ظاهرة كما في أقل أو مقدرة كما في خيراً. قوله: (وخالف في ذلك) أي: في اشتراط اسميته وقال يجوز أن يكون فعلاً مضارعاً كما يجوز أن يكون اسماً قوله لتشابههما أي: لأن الفعل المضارع مشابه لاسم الفاعل قوله: (إنه هو يبدئ ويعيد) أخرجه القوم على أن هو توكيد لاسم إن وجملة يبدئ في محل رفع خبر إن وليس هو ضمير فصل أو إن هو مبتدأ وجملة يبدئ خبره والجملة خبر إن فعلى كل حال لم يجعلوا الضمير ضمير فصل.