حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

والخامس: عموم يشمل المبتدأ

صفحة 117 - الجزء 3

  والخامس: عموم يشمل المبتدأ، نحو: «زَيْدٌ نِعْمَ الرَّجُلُ»، وقوله [من الطويل]:

  ٧٤٣ - [أَلَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ إِلَى أُمِّ جَحْدَرَ ... سَبِيلٌ]، فَأَمَّا الصَّبْرُ عَنْهَا فَلَا صَبْرَا

  كذا قالوا، ويلزمهم أن يجيزوا «زَيْدٌ مات الناسُ»، و «عَمْرو كُلّ الناس يموتون»، و «خالد لا رَجُلَ في الدار»، أما المثالُ فقيل: الربط إعادة المبتدأ بمعناه بناءً على قول أبي الحسن في صحة تلك المسألة، وعلى القول بأن «أل» في فاعلَيْ نِعْمَ» و «بِئْس» للعهدِ لا للجنس؛ وأما البيت فالرابط فيه إعادة المبتدأ بلفظه، وليس العموم فيه مراداً، إذ المراد أنه لا صَبْرَ له عنها، لأنه لا صبر له عن شيء.

  والسادس: أن يعطف بفاء السببية جملة ذَاتُ ضمير على جُمْلَةٍ خالية منه أو بالعكس، نحو: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً}⁣[الحج: ٦٣]، وقوله [من الطويل]:


  دليل ذلك الخبر المحذوف. قوله: (عموم) أي: في الجملة قوله: (نحو زيد نعم الرجل) أي: فالرجل أعم من زيد لأن أل في فاعل نعم للجنس. قوله: (نعم الرجل) أي: فإن اللام لما كانت للجنس، وإن لم يكن على سبيل الاستغراق للقطع بأن المتكلم لم يقصد مدح جميع من في العالم والجنس مشتمل على كل أفراده كان الرجل مشتملاً على زيد وغيره فجرى اشتماله عليه مجرى الذكر اللفظي قوله: (فلا صبرا) أي: فلا صبر لي عن شيء، وقوله فأما الصبر الخ صدره:

  ألا ليت شعري هل إلى أم جحدَرَ

  سبيل فأما الخ. قوله: (ويلزمهم أن يجيزوا زيد مات الناس وعمروا الخ) أي: واللازم باطل لتفكيك الكلام وعدم التئامه. قوله: (في صحة تلك المسألة) أعني الربط بإعادة المبتدأ بمعناه، وفيه ان أكثرهم على خلاف أبي الحسن وعلى أن أل في فاعل نعم للجنس. قوله: (أو بالعكس) متعلق بمحذوف والعطف من قبيل عطف الجمل أي أو يقع العطف ملتبساً بالعكس. قوله: (نحو ألم تر الخ) التمثيل وقع على طريق اللف والنشر


٧٤٣ - التخريج: البيت لابن ميادة في (ديوانه ص ١٣٤؛ والأغاني ٢/ ٢٣٧، ٢٥١؛ والحماسة البصرية ٢/ ١١١؛ وخزانة الأدب ١/ ٤٥٢؛ والدرر ٢/ ١٦؛ وشرح أبيات سيبويه ١/ ٢٦٩، ٢٧١؛ وشرح التصريح ١/ ١٦٥؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٨٧٦؛ والمقاصد النحوية ١/ ٥٢٣؛ وبلا نسبة الأشباه والنظائر ٨/ ٢٨؛ والكتاب ١/ ٣٨٦؛ وهمع الهوامع ١/ ٩٨).

شرح المفردات: ليت شعري: أي ليتني أعلم أو ليت علمي حاصل. أم جحدر: كنية امرأة. سبيل: طريق.

المعنى: يتساءل الشاعر عما إذا كان بالإمكان وصوله إلى معرفة السبيل للوصول إلى أم جحدر، لأنّ شوقه إليها قد أضناه، ولم يعد صابراً على بعدها.