حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الخامس: المفسرة لعامل الاسم المشتغل عنه

صفحة 128 - الجزء 3

  تقول: «زيداً ضَرْباً إيَّاه»، وكذا لا يجوز «زَيْداً جَدْعاً له»، ولا «عَمْراً سَقْياً له»، خلافاً لجماعة منهم أبو حيان، لأن اللام متعلقة بمحذوف، لا بالمصدر لأنه لا يتعدى بالحرف، وليست لام التَّقوية لأنها لازمة ولام التقوية غير لازمة، وقوله تعالى: {سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُمْ مِنْ آيَةٍ}⁣[البقرة: ٢١١] إن قدَّرت {مِنْ} زائدة فـ «كُمْ» مبتدأ أو مفعول لـ «آتينا» مقدّراً بعده، وإن قدرتها بياناً لـ «كُمْ» كما هي بيان لما في


  (زيداً ضربا إياه) فزيداً مفعول لمحذوف أي ضرباً زيداً ضرباً إياه والفرق بين الآية وبين هذا المثال أن ضرباً المفسر في المثال اشتغل بضمير الاسم السابق بخلاف تعساً في الآية لأن لهم ليس متعلقاً بالمصدر فلا اشتغال. قوله: (خلافاً لجماعة) هذا راجع للآية وللمثالين وهما زيداً جدعا له وعمراً الخ لأنهم قالوا الآية من باب الاشتغال، وكذلك يجوز زيداً جدعا له وعمراً سقيا له على الاشتغال قوله: (لأن اللام) علة لعدم الجواز في الآية والمثالين إن قلت هلا علل بأن الفاء في قوله فتعساً مانعة من عمل ما بعدها فيما قبلها وما لا يعمل لا يفسر عاملاً قلت إنما اقتصر على ذلك لعمومه بخلاف الفاء فهي قاصرة على الآية، فإن قلت إن المانع فاء جواب الشرط لا فاء الخبر؛ قلت إن فاء الخبر منزلة منزلة فاء الشرط فهي مانعة وبهذا التقرير اندفع ما قاله الشارح إن ظاهره أن الفاء ليست مانعة وإلا لذكرها. قوله: (بمحذوف) أي: غير العامل في المصدر تقديره في الآية إرادتي لهم وتقدير في المثالين إرادتي له وهو مستأنف جواب هما يقال من تريد بالتعس والجدع والسقي. قوله: (لا بالمصدر) أي: فلم يشتغل المصدر بضمير الاسم السابق فلا يفسر عاملاً فيه واعترض بأن ابن مالك جعل اللام متعلقة بالمصدر واللام للتبيين وحينئذ صح النصب على الاشتغال في المثالين ولا يصح في الآية لمانع وهي الفاء قوله: (لأنها لازمة ولام التقوية الخ) معارض بقول ابن الحاجب قد تحذف اللام نحو جدعا زيداً وسقيا زيداً. قوله: (لأنها الخ) جواب عما يقال نسلم أنها ليست للتعدية لكنها للتقوية قوله: (سل بني إسرائيل) سل يتعدى لمفعولين الأول بني إسرائيل وكم اسم استفهام مبتدأ وجملة آتيناهم خبرها والرابط الهاء من آتيناهم وهي مفعول أول لآتينا والثاني قوله آية ومن زائدة والمميز محذوف أي كم جماعة آتيناهم آية أي أي جماعة آتيناهم وجملة كم الخ مفعول ثان لسل معلق عنها بالاستفهام هذا على إعراب كم مبتدأ، وأما مفعول لمحذوف أي أي جماعة آتينا آتيناهم آية فهو من باب الاشتغال والجملة مفعول ثان لسل معلق عنها بالاستفهام. قوله: (سل الخ) تقدم أن الآية الأولى ليست من الاشتغال لأن الفاء مانعة على ما تقدم وكذلك المصدر ليس مشتملاً على ضمير الاسم السابق، وأما هذه الآية فتحتمل الاشتغال والمبتدأ قوله: (مقدر بعده) أي:


= تذكرة النحاة ص ٦٨٣؛ وجمهرة اللغة ص ٨٩٣؛ ورصف المباني ص ٤١٩؛ وسرّ صناعة الإعراب ٢/ ٦٤٢؛ وشرح الأشموني ١/ ٢٦٠؛ وشرح المفصل ٢/ ٦٥؛ وهمع الهوامع ٢٤٦/ ١).

المعنى: انتصف النهار وصاحبه لا يعلم ما حل به تحت الماء.