حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الأمور التي يكتسبها الاسم بالإضافة

صفحة 140 - الجزء 3

  {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ}⁣[المائدة: ٩٥]، ولا توصف النكرة بالمعرفة، وقوله تعالى: {ثَانِيَ عِطْفِهِ}⁣[الحج: ٩]، وقولُ أبي كبير [من الكامل]:

  ٧٥١ - فَأَتَتْ به خوش الفُؤَادِ مُبَطْناً ... [سُهُداً إِذَا مَا نَامَ لَيْلُ الْهَوْجَلِ]

  ولا تنتصب المعرفة على الحال، وقولُ جرير [من البسيط]:


  فيها من العهد وإضافتها معنوية قطعاً فيفيد التعريف فيجتمع تعريفان، وقال الراضي وعندي أنه يجوز لمضافة العلم مع بقاء تعريفه إذ لا يمتنع اجتماع التعريفين إذا اختلفا. قوله: (ولا يجتمع في الاسم تعريفان) أي: وهو تعريف الموصولية والإضافة فإن قلت إن المعرف بالموصولية أل والمعرف بالإضافة صلتها فلم يتوارد المعرفان على شيء واحد أجيب بأن أل لما كانت في صورة الحرف ولازمت الدخول على الاسم وظهر إعرابها فيما بعدها صار كالشيء الواحد فكأن الإضافة المتعلقة بالصلة كضارب متعلقة بأل وكأن الموصولية القائمة بأل قائمة بالصلة. قوله: (بالغ الكعبة) نعت لهدياً لأن إضافة بالغ للكعبة لم تفده تعريفاً وإلا لامتنع الوصف إذ لا توصف النكرة بالمعرفة قوله: (ثاني عطفه) أي: فإنه حال من في قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ}⁣[الحج: ٨] والحال واجبة التنكير قوله: (حوش الفؤاد) أي ذكية والمبطن ضامر البطن وهو وصف محمود في الرجال وتمامه:

  سهدا إذا ما نام ليل الهوجل

  والسهد بضم السين والهاء قليل النوم أو السهران والهوجل الأحمق وإسناد النوم لليل مجاز عقلي والشاهد في قوله حوش الفؤاد فإنه حال وهو صفة مشبهة مضافة لمعمولها. قوله: (يا رب الخ) تمامه:

  لاقي مباعدة منكم وحرمانا

  قوله: (يا رب غابطنا) أي: فإضافة غابط للضمير لفظية لا تفيد تعريفاً وإلا امتنع


٧٥١ - التخريج: البيت لأبي الكبير الهذلي في (جمهرة اللغة ص ٣٦٠ وخزانة الأدب ٨/ ١٩٤، ٢٠٣؛ وشرح أشعار الهذليين ٣/ ١٠٧٣؛ وشرح التصريح ٢/ ٢٨؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ٨٨؛ وشرح شواهد المغني ١/ ٢٢٧؛ والشعر والشعراء ٢/ ٦٧٥؛ ولسان العرب ٣/ ٢٢٤ (سهد)، ٦/ ٢٩٠ (حوش)، ١١/ ٦٩٠ (هجل)؛ وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص ١١٧٦؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٨٨٠؛ ولسان العرب ١٤/ ٢١٤ (جيا)).

شرح المفردات: أتت به: ولدته والتاء تعود إلى أمّ تأبط شرّاً، والهاء في «به» تعود إلى تأبط شراج حوش الفؤاد: أي الجريء ج المبطن الضامر البطن. السهد: قلة النوم. الهوجل: الأرض الواسعة، أو الأحمق.

المعنى: يقول: إن تأبط شرّاً قد ولدته أمه جريئاً، قوي الفؤاد، ضامر البطن، لا ينام إلا قليلاً في الصحراء الواسعة، أو كما ينام الأحمق.