حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الجهة الأولى:

صفحة 189 - الجزء 3

  وغَسْلُ اليد لا يتكرر قبل الوصول إلى المرفق، لأن «اليد» شاملة لرؤوس الأنامل والمناكب وما بينهما؛ قال فالصواب تعلّق «إلى» بـ «أسقطوا» محذوفاً، ويستفاد ذلك دخول المرافق في الغسل، لأن الإسقاط قام الإجماع على أنه ليس من الأنامل، بل من المناكب، وقد انتهى إلى المرافق، والغالب أن ما بعد إلى أن يكون غير داخل، بخلاف «حتّى»، وإذا لم يدخل في الإسقاط بقي داخلاً في المأمور بغسله.

  وقال بعضهم: الأيدي في عُرْف الشرع اسمٌ للأكفُ فقط، بدليل آية الشرقة؛ وقد صح الخبر باقتصاره في التيمم على مسح الكفين، فكان ذلك تفسيراً للمراد بالأيدي في آية التيمم. قال: وعلى هذا فـ «إلى» غايةٌ للغسل، لا للإسقاط؛ قلت: وهذا إن سُلّم فلا بد من تقدير محذوف أيضاً، أي ومُدُّوا الغسل إلى المرافق، إذ لا يكون غسل ما وراء الكف غاية لغسل الكف.

  الثاني عشر: قول ابن دُرَيْدٍ [من الرجز]:


  قوله قبل الوصول إلى المرفق، وأما أصل التكرار فهو حاصل فمحط النفي الظرف، وأما التكرر في نفسه فهو موجود باعتبار الأجزاء قبل الوصول إلى المنكب الذي هو الغاية، فحينئذ تعليق إلى بغسل يؤدي إلى التناقض لأن غسل اليد شامل يصدق بغسلها من طرف الأصابع إلى المنكب فقوله إلى المرفق منافٍ لذلك إذا علمت ذلك فالمناسب للمصنف أن يعلل بالتناقض لا بعدم التكرار لأن تكرار الغسل حاصل باعتبار الأجزاء وهو كافٍ في الغاية لكن قد علمت أن قوله وغسل اليد لا يتكرر معناه لا يقصر تكرره على ما قبل الوصول بل يتجاوز المرفق إن يصل للمنكب لأن اليد شاملة، له وحينئذ فيؤدي للتناقض اهـ دماميني.

  قوله: (لا يتكرر) أي: لا يقصر تكرره باعتبار كل جزء دفعه على ما قبل الوصول إلى المرفق بل يتجاوز المرفق إلى أن يصل للمنكب لأن اليد شاملة له، فقوله إلى المرفق تناقض قوله: (فالصواب تعلق إلى بأسقطوا محذوفاً) أي: وأسقطوا الغسل إلى المرفق أي وأسقطوا الغسل من المناكب إلى المرافق. قوله: (بأسقطوا محذوفاً) أي: وأسقطوا الغسل إلى المرفق. قوله: (ويستفاد من ذلك) أي: من تعلقه بأسقطوا. قوله: (وقد انتهى إلى المرافق) أي: والمعنى وأسقطوا الغسل من المناكب إلى المرافق. قوله: (وإذا لم يدخل) أي: المرفق. قوله: (فكان ذلك) أي: اقتصار النبي في بعض أحواله في التيمم على المسح إلى الكفين تفسيراً للأيدي في قوله تعالى: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ}⁣[المائدة: ٦]. قوله: (وعلى هذا) أي: على كون اليد في الشرع اسماً للأكف فقط. قوله: (غاية للغسل) أي: المذكور وتكرر ما قبل الغاية بحسب الأجزاء.