الجهة الثالثة
  ويؤول المصدر بالوصف، فَيَؤُول إلى المعنى الذي أراده ولكن بتوجيه يقبله العلماء. ألا ترى أنه قيل في قوله تعالى: {وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى}[يونس: ٣٧]، إن التقدير: ما كان افتراء، ومعنى هذا ما كان مُفْتَرى وقال أبو الحسن في قوله تعالى: {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا}[المجادلة: ٣]: إن المعنى ثم يعودون للقول، والقول في تأويل المَقُول: أي: يعودون للمقول فيهن لفظ الظهار، وذلك هو الموافق لقول جمهور العلماء: إِنَّ العَوْد الموجب للكفارة العود إلى المرأة لا العَوْدُ إلى القول نفسه كما يقول أهل الظاهر، وبعد فهذا الوجه عندي ضعيف؛ لأن التفضيل على الناقص لا فَضْلَ فيه، وعليه قوله [من الطويل]:
  ٧٩٠ - إِذَا أَنْتَ فَضَّلْتَ أمْرَاً ذَا بَرَاعَةٍ ... عَلَى نَاقِضِ كَانَ المَدِيحُ مِنَ النَّقْصِ
  التوجيه الثاني: أن «أعْقَلَ» ضمن معنى «أبعد»، فمعنى المثال: زيد أبعد الناس
  قوله: (ويؤول المصدر بالوصف) أي: اسم الفاعل فيقال زيد أعقل من الكذب ثم يؤول الكذب بالكاذب ويقال زيد أعقل من الشخص الكاذب وهذا يرجع لقولك زيد أعقل من الذي يكذب. قوله: (إلى المعنى الذي أراده) أي: ابن مسعود. قوله: (ولكن بتوجيه يقبله العلماء) أي: بخلاف التوجيه الذي ذكره ابن مسعود نفسه فإنه لا يقبله العلماء. قوله: (وذلك) أي: التأويل قوله: (إلى القول نفسه) أي: من أنت علي كظهر أمي. قوله: (كما يقول أهل الظاهر) أي: القائلين أنه إذا قال لها انت علي كظهر أمي لا تجب عليه الكفارة إلا إذا كرر هذا اللفظ مراراً، وانظر ما المراد بأهل الظاهر هنا المقلدين داود الظاهري أو الفرقة الضالة قوله: (وبعد) أي: وأقول بعد ذاكر هذا التوجيه تنبه فهذا الوجه الخ، وقوله فهذا الوجه أي تأويل أن والفعل بالمصدر والمصدر باسم الفاعل. قوله: (لا فضل فيه) أي: فقولك زيد أفضل في العقل من الكاذب فيه تفضيل الكامل على الناقص وهذا لا بلاغة فيه.
  قوله: (الثاني) الخ فيه نظر فإن الفعل الذي ينسبك وهو وما معه في المثال بالمصدر مسند إلى ضمير المفصل فينبغي عند السبك أن يضاف ذلك المصدر إلى هذا الضمير كما تقول في أعجبني ما صنعت المعنى أعجبني صنعك، وإذا فعل ذلك في المثال صار معناه زيد أبعد الناس من كذبه فيكون زيد مفضل على الناس في البعد من كذب نفسه فيلزم مشاركة للناس له في ذلك أعني البعد من كذبه لضرورة التفضيل وهذا عن مظان التوجيه بمعزل، ثم في كلام المصنف الجمع بين إضافة اسم التفضيل وإدخال من على المفضل عليه وهو ممتنع فقد ظهر لك أن التوجيهين اللذين ظهرا له معوّل عليهما اهـ دماميني، قال الشمني والجواب عن النظر الأول أن المصدر المنسبك من أن والفعل لا تجب إضافته
٧٩٠ - التخريج: لم أقع على قائله؛ وليس فيه شاهد نحوي وقد سيق لدعم وجهة النظر السابقة.