حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الجهة الرابعة

صفحة 219 - الجزء 3

  التباعد؛ وأبْعَدُ منه قول أبي عمرو في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ}⁣[فصلت: ٤٠ - ٤٤] إن خبره {أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ ٤٤}⁣[فصلت: ٤٤]؛ وأَبْعَدُ هذا قولُ من الكوفيين والزجاج في قوله تعالى: {ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ}⁣[ص: ١]: إن جوابه {إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ}⁣[ص: ٦٤]؛ وقول بعضهم في {ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ}⁣[الأنعام: ١٥٤]: إنه عطف على {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ}⁣[الأنعام: ٨٤]، [الأنبياء: ٧٢] وقولُ الزمخشري في {وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ}⁣[القمر: ١ - ٣] فيمن جز {مُسْتَقِرٌّ}: إنّ «كلا» عطف على {السَّاعَةِ}، وأَبْعَدُ منه قوله في {وَفِي مُوسَى إِذْ أَرْسَلْنَاهُ}⁣[الذاريات: ٣٨]: إنه عطف على {وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ}⁣[الذاريات: ٢٠]، وأبْعَدُ من هذا قوله في {فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ}⁣[الصافات: ١٤٩] إنه عطف على {فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا}⁣[الصافات: ١١]. قال: هو معطوف على مثله في أول السورة وإن تباعَدَتْ بينهما المسافة، انتهى.

  والصواب خلاف ذلك كله.

  فأما {وَقِيلِهِ}⁣[الزخرف: ٨٨] فيمن خفض، فقيل: الواو للقسم وما بعده الجواب، واختاره الزمخشري؛ وأما من نصب، فقيل: عطف على {سِرَّهُمْ}⁣[الزخرف: ٨٠]


  ومجاهد وقتادة وقيله بالرفع وخرجت على أنه عطف على علم الساعة على حذف مضاف أي وعلم قيله فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه. قوله: (وعلى محلها) أي: لأن الساعة مضاف للمصدر الذي هو علم فهو من إضافة المصدر للمفعول فمحله نصب فالمعنى وعنده علم الساعة وعلم قول النبي يا رب. قوله: (قول أبي عمرو) أي: ابن العلاء قوله: (وقول بعضهم) عطف على قوله قول الكوفيين وكان عليه أن يقول وأبعد منه قول بعضهم لأن هذا أبعد مما قبله.

  قوله: (وقول الزمخشري) عطف على قوله قول جماعة لا على قول الكوفيين والإلزام أن هذا أبعد مما فضلت مع أنه ليس أبعد منه قوله: (فيمن جر مستقر) أما من رفع فمستقر خبر عن كل قوله: (عطف على الساعة) أي: اقتربت الساعة واقترب كل مستقر وثابت. قوله: (قوله) أي: قول الزمخشري، وقوله وأبعد من هذا قوله أي قول الزمخشري قوله: (قال) أي: الزمخشري هو أي قوله فاستفتهم الربك. قوله: (معطوف على مثله) هو فاستفتهم أهم أشد خلقاً. قوله: (خلاف ذلك كله) أي: لبعد الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه في هذه الآيات وحينئذ فتجتنب هذه الأمور. قوله: (الواو للقسم) أي: فالمعنى أقسم بقول النبي يا رب الخ. قوله: (وما بعده الجواب) هو أن هؤلاء قوم الخ أي وقيل الجواب محذوف أي لتنصرن أو لأفعلن فيهم ما أشاء. قوله: (عطف على سرهم الخ) فيه أن حكاية هذا القول والقولين بعده في توجيه النصب فيما هو صواب غير جيدة لوجود التباعد بين المتعاطفين نعم جعل قيله مصدر القال محذوفاً أو