الجهة الخامسة:
  أصله: «نُنْجِي» بسكون ثانية، وفيه ضعف، لأن النون عند الجميع تخفى ولا تدغم؛ وقد زعم قول أنها أدغمت فيها قليلاً وأن منه «أترج» و «إجاصة» و «إجانة»؛ وقيل: مضارع وأصله: «نُنَجِّي» بفتح ثانية وتشديد ثالثة، ثم حذفت النون الثانية؛ ويضعفه أنه لا يجوز في مضارع «نَبَّأتُ» و «نَقَبتُ» و «نَزَّلْتُ» ونحوهنّ إذا ابتدأت بالنون أن تحذف النون الثانية إلا في ندور كقراءة بعضهم: {وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا ٢٥}[الفرقان: ٢٥].
  الجهة الخامسة: أن يترك بعض ما يحتمله اللفظ من الأوْجُهِ الظاهرة. ولنورد مسائل من ذلك ليتمرن بها الطالب مُرَتَّبة على الأبواب ليسهل كشفها.
  قوله: (بسكون ثانية) أي: فأدغمت النون الثانية في الجيم. قوله: (تخفى) أي: بأن تسكن وتغير وقوله: ولا تدغم: أي: وهنا أدغمت في الجيم قوله: (وقد زعم الخ) أي: وزعمهم لا يسلم وما ذكره من إجاصة وما معها فهو من إدغام المثلين إلا المتقاربين وقد يقال يدل على جواز هذا الإدغام هذه الآية فإن العربية تؤخذ من القرآن المعجز بفصاحته وقول من يقول إنه لم يجيء مثله عن العرب مشيراً إلى أنه أحاط بجميع كلام العرب فيه تحجير واسع وكيف يجوز الاحتجاج والأخذ بأقوال نقلها عن العرب من لا يعتمد عليه لجهله أو لعدم عدالته أو لجهالة علمه ونترك الأخذ والتمسك بما ثبت تواتره عمن ثبتت الغلط من وهو رسول الله ﷺ أفصح العرب مع قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ٩}[الحجر: ٩] قلت القراءات السبع متواترة فيما لم يكن من قبيل الأداء وأما ما هو من قبيل الأداء كالمد والإمالة وتخفيف الهمزة والإدغام فغير متواتر كما ذكره ابن الحاجب وغيره؛ قلت نعم لكن لا يكون نقل القراء لهذه الأشياء أقل من ناقل العربية والأشعار والأقوال فكيف يطعن فيما نقله القراء الثقات بأنه لم يجيء مثله ومن أين عرف أنه لم يجيء مثله ولو نقل ناقلون عن مجهول الحال لقبلوه فقبول هذا أولى اهـ شمني. قوله: (أدغمت فيها قليلاً) أي: وما هنا من القليل قوله: (وأجانة) هي حريم النخلة. قوله: (ونحوهن) أي من كل ماض مبدوء بالنون. قوله: (إذا ابتدئت بالنون) نحو ننبئ وننزل وننقب. قوله: (أن يترك) أي: المعرب بعض ما يحتمله اللفظ، أي: فيعترض عليه بأنه قد ترك بعض الأوجه الظاهرة التي يحتملها اللفظ قوله: (من ذلك) أي: من الأمور التي يحتملها اللفظ لا بقيد كونها ظاهرة بدليل أنه سيذكر في باب كان نحوها أوجها ضعيفة.