مسألة
  ويقدر للآخرين ظرفان لأن «لا» المركبة عند غيره عاملة في الخبر، ولا يتوارد عاملان على معمول، واحد فكيف عوامل؟ وإن رَفَعْتَ الأَوَّلَيْن فإن قدرت «لا» معهما حجازية تعين عند الجميع إضمار خبرين إن قدرت «لا» الثانية كالأولى، وخبراً واحداً إن قدرتها مؤكدة لها وقدرت الرفع بالعطف، وإنما وجب التقدير في الوجهين لاختلاف خبري الحجازية والتبرئة، بالنصب والرفع؛ فلا يكون خبر واحد لهما، وإن قدرت الرفع بالابتداء فيهما - على أنهما مهملتان - قدرت عند غير سيبويه خبراً واحداً للأوَّلين أو للثالث كما تقدّر في زَيْد وعمرو قائم خبراً للأول أو للثاني، ولم يحتج لذلك عند سيبويه.
  فلا مانع عنده من جعل الخبر للجميع كما في قولك زيد وبكر وخالد في الدار، أي: كائنون في الدار، وكذا في الآية التقدير كائنة في الحج، وفتح جميع هذه الأسماء هي قراءة من عدا أبا عمرو وابن كثير. قوله: (وإن رفعت الأولين) أي: وفتحت الثالث كما هو قراءة المكي وأبي عمرو. قوله: (حجازية) أي: نافية للوحدة عاملة عمل ليس أي: وقدرتها مع الثالث للتبرئة.
  قوله: (إضمار خبرين) خبر للا الأولى وخبر للا الثانية إذا جعل الخبر المذكور للا الثالثة، وإنما قدرنا الخبر لكل من الأولين؛ لأن خبر لا الحجازية في محل نصب وخبر لا الثالثة في محل رفع فقوله، وإن رفعت الأولين أي وفتحت الأولين أي: وفتحت الثالث على أن لا عاملة عمل إن قوله: (كالأولى) أي: في كون كل منهما حجازية. قوله: (وخبراً واحداً الخ) خبر منصوب بفعل محذوف أي وأضمرت أو قدرت خبراً واحداً، وقد يقال إذا قدرت لا الثانية مؤكدة للأولى والرفع بالعطف كما صرح به كانت زائدة لتأكيد النفي فلا ينافي تفريعه على كون لا معهما حجازية، وقد يجاب بأنه إذا كانت الأولى حجازية والثانية مؤكدة لها كانت الثانية أيضاً بهذا الاعتبار حجازية إعطاء للمؤكد حكم المؤكد ويحتمل أن يكون قوله: وأضمرت خبراً معطوفاً على قوله، فإن قدرت لا معهما حجازية فيكون قسيماً له ولا يكون من التفريع في شيء. قوله: (وإنما وجب التقدير) أي: تقديره خبرين إذا قدرت أن الثانية كالأولى وإلى تقدير خبر إذا كانت الثانية مؤكدة، أي: وقدرتها مع الثالث للتبرئة. قوله: (وإن قدرت الرفع بالابتداء فيهما) هذا مقابل لقوله فإن قدرت لا معهما حجازية. قوله: (قدرت عند غير سيبويه خبراً واحداً) أي: لأن لا في الأولين مهملة والاسم بعدها مبتدأ، وفي الثالث عاملة في خبرها، فلو قدرت الظرف خبراً عن الكل لزم أن يكون معمولا ولاً لعاملين مختلفين المبتدأ بالنسبة لكونه خبراً عن الأولين ولا بالنسبة لكونه خبراً عن الثالث قوله: (ولم يحتج لذلك عند سيبويه) أي: لأنه لا يرى للا عملاً في الخبر فلا مانع عنده من جعل الظرف خبراً عن الجميع.