حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

باب المنصوبات المتشابهة

صفحة 248 - الجزء 3

  غير بعيدة؛ وهي أيضاً حال مؤكدة، ويكون التذكير على هذا مثله في {لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ ١٧}⁣[الشورى: ١٧].

  ما يحتمل المصدرية والحالية - «جاء زيد رَكْضاً»، أي: يَرْكُضُ رَكْضاً، أو عامله «جاء» على حد «قعدت جلوساً»، أو التقدير: جاء راكضاً، وقول سيبويه، ويؤيده قوله تعالى: {ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ١١}⁣[فصلت: ١١] فجاءت الحال في موضع المصدر السابق ذكره.

  ما يحتمل المصدرية والحالية والمفعول لأجله. ذلك {يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا}⁣[الرعد: ١٢] أي: فتخافون خوفاً وتطمعون طمعاً؛ وابن مالك يمنع حذف عامل المصدر المؤكد إلا فيما استثني، أو: خائِفِينَ وطامعين، أو لأجل الخوف والطمع؛ فإن قلنا: «لا يشترط اتحاد فاعلي الفعل والمصدر المعلل» وهو اختيار ابن


  أي: قوله غير بعيد. قوله: (غير بعيدة) أتى بالتاء؛ لأن الحال وصف في المعنى والوصف للمؤنث مؤنث. قوله: (حال مؤكدة) أي: لعاملها فقط، وهو أزلفت لا لصاحبها؛ لأن الجنة لا تفيد قرباً. قوله: (في لعل الساعة قريب) أي: فتذكير قريب نظراً لمعنى الساعة أعني الزمن أو على معنى البعث أو على معنى النسب أي ذات قرب. قوله: (أي يركض ركضاً) أي: فهو مفعول مطلقاً عامله محذوف موافق في لفظه. قوله: (أو عامله جاء) أي: إن عامله من معناه قوله: (على حد قعدت جلوساً) أي: على قياس الاختلاف الواقع في قعدت جلوساً، أي الواقع بعد فعل غير موافق في الاشتقاق، وإن وافقه في المعنى فقال سيبويه إنه نصب بفعل مقدر من معنى المصدر، وقال المازني والمبرد إنه نصب بالمذكور والتحقيق الثاني إذ لا ضرورة للتقدير اهـ ... قوله: (أو التقدير جاء راكضاً) أي: فهو حال قوله: (فجاءت الحال الخ) يعني: إن أتينا طائعين لما كان جواباً لأتينا طوعاً أو كرهاً كان طائعين في موضع طوعاً؛ لأن الجواب على طبق السؤال، فلما أتى بالحال في الجواب علم أن المصدر في السؤال حال فقوله: في موضع المصدر، أي في مقابلة المصدر؛ لأن طائعين في الجواب مقابل طوعاً في السؤال قوله: (أي فتخافون) أي: من إفساد المطر أو من الصواعق. قوله: (إلا فيما استثنى) أي: بأن حذف عامله قياساً جوازاً نحو أنت سير أو وجوباً نحو ما زيد إلا مالك يسيراً وسماعاً في نحو سقيا وجدعا وحاول المصنف بهذا الرد على بدر الدين بن حيث اعترض على قول أبيه:

  وحذف عامل المؤكد امتنع

  بأنه قد حذف عامل المصدر المؤكد في نحو هذه الصور، وحاصل الجواب أن الكلام في مجرد المصدر المؤكد من غير هذه الصور لا في ما ناب المصدر المؤكد فيه مناب الفعل وجعل عوضاً منه كهذه الصورة اهـ. شمني قوله: (فإن قلنا لا يشترط الخ)