الجهة الخامسة:
  في المفعول معه إلا ما كان من جنس ما يعمل في المفعول به، ويجوز جره؛ فقيل: بالعطف، وقيل: بإضمار «حسب» أخرى وهو الصواب ورفعه بتقدير «حسب»، فحذفت وخَلَفها المضافُ إليه، وروَوْا بالأوجه الثلاثة قوله [من الطويل]:
  ٨٠٠ - إِذَا كَانَتِ الهَيْجَاءُ وَانْشَقَّتِ العَصَا ... فَحَسْبُكَ وَالضحاكُ سَيْفٌ مُهَنَّدُ
  وقوله: إلا ما كان من جنس الخ أي: وجنس الذي يعمل في المفعول به مطلقاً، وما جرى مجراه وحسب ليس فعلاً وليس جارياً مجراه وحينئذ فلم يكن وزيداً مفعولاً معه لعدم وجود العامل في المفعول به وقد ظهر لك أن المراد بجنس العامل في المفعول به هو الفعل وما أشبه أي: اسم الفاعل والمفعول نحوه من الأوصاف وبهذا اندفع ما أورد على المصنف أن من ظاهرها ره ان الفعل اللازم لا يعمل في المفعول معه مع أنه يعمل نحو سرت النيل وهذا الإيراد ومبني على أن المراد بجنس العامل في المفعول به هو الفعل المتعدي وبعد هذا فيرد على هذا التعليل ان اسم الفعل جار ومجرى الفعل؛ لأن اسم الفعل في التعدي واللزوم حكمه حكم فعله للموافقة في المعنى وحسب اسم فعل بمعنى يحسب أي: يكفي وهو متعدث فيكون اسم الفعل كذلك وحينئذ فالمفعول معه إنما عمل فيه ما جرى مجرى الفعل وهو من جنس ما يعمل في المفعول به، فإن قالوا لن حسب اسم فاعل بمعنى كاف لا اسم فعل قلنا هو جار ومجرى الفعل بلا ريب ثم لن القول الذي صححه المصنف العطف على الجملة قبل أن تكمل أجزاؤها والقول الأول سالم من ذلك فيترجح على الثاني اهـ تقرير شيخنا دردير.
  قوله: (فقيل بالعطف) أي: على الضمير المجرور من غير إعادة الجار وهو جائز عند يونس والأخفش والكوفيين وهو اختيار ابن مالك والقول الثاني الذي استصوبه المصنف هو مذهب أكثر البصرين القائلين بمنع العطف في الصورة المذكورة. قوله: (بإضمار حسب) أي: فحذف المضاف وبقي المضاف إليه على جره والشرط موجود. قوله: (ورووا بالأوجه الثلاثة) أي: فالنصب في الضحاك على وجهين أن يكون مفعولاً معه أو مفعولاً به وجره على وجهين العطف على الضمير المجرور وتقدير مضاف ورفعه بالعطف على الاسم المرفوع بتقدير المضاف أي: حسب الضحاك وانشقاق العصا كناية عن تفرق الجماعة واختلاف الكلمة.
٨٠٠ - التخريج: البيت لجرير في (ذيل الأمالي ص ١٤٠؛ وليس في ديوانه؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب ٧/ ٥٨١؛ وسمط اللآلي ص ٨٩٩؛ وشرح الأشموني ١/ ٢٢٤؛ وشرح شواهد الإيضاح ص ٣٧٤؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٩٠٠؛ وشرح عمدة الحافظ. ٤٠٧، ٦٦٧؛ وشرح المفصل ٢/ ٥١؛ ولسان العرب ١/ ٣١٢ (حسب)، ٢/ ٣٩٥ (هيج)، ١٥/ ٦٦ (عصا)؛ والمقاصد النحوية ٣/ ٨٤).
اللغة: انشقت العصا: تفرق القوم الهيجاء الحرب الطاحنة الشرسة.
المعنى: إذا نشبت الحرب وتفرقت الجماعات فيكفيك أن تصحب السيف الضحاك بيمناك.