الجهة الخامسة:
  والتقدير: آسف أسَفاً، ثم اعترض بذلك بين الفاعل والمفعول به، أو إبلاء أسف أو لأجل الأسف؛ فمن لم يشترط اتحاد الفاعل فلا إشكال؛ وأما من اشترطه فهو على إسقاط لام العلة توسعاً، كما في قوله تعالى: {وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا}[الأعراف: ٤٥، هود ١٩]، أو الاتحاد موجود تقديراً: إما على أنّ الفعل المعلل مطاوع «أبلى» محذوفاً، أي: فَبَلِيتُ أسَفاً، ولا تقدير: فبَلي بَدَني؛ لأن الاختلاف حاصل؛ إذ الأسف فعل النفس لا البدن، أو لأن الهوى لما حصل بتسببه كان كأنه قال: «أبليت الهوى بدني».
  ما يحتمل المفعول به والمفعول معه، نحو: «أَكْرَمْتُكَ وَزَيْداً» يجوز كونه عطفاً على المفعول وكونُه مفعولاً مـ معه، ونحو: «أكْرَمْتكَ وهذا» يحتملهما وكونه معطوفاً على الفاعل، لحصول الفصل بالمفعول؛ وقد أجيز في «حَسْبُكَ وَزَيْداً دِرْهم» كونُ «زيد» مفعولاً معه، وكونه مفعولاً به بإضمار «يَحْسب»، وهو الصحيح؛ لأنه لا يعمل
  قوله: (آسف) مضارع أسف كفرح، وآسف بفتح السين أصله أأسف. قوله: (اتحاد الفاعل) أي: فاعل المصدر المنصوب على أنه مفعول له مع فاعل عامله. قوله: (والمفعول به) أي: بدني والفاعل هو الهوى وسكت عن الظرف وهو يوم النوى؛ لأنه تارة يتقدم وتارة يتأخر وتارة يتوسط قوله: (آسف أسفاً) وقوله أو إبلاء أسف كلاهما إشارة للمفعول المطلق، وقوله: أو لأجل الأسف إشارة إلى المفعول لأجله، وسكت عن الحال أن الترجمة لما يحتمل الثلاثة لوضوحه أي أسفاً، وأما المصدر فهو خفي؛ لأن تحته وجهين والمفعول لأجله فيه خفاء ولذا قال فمن لم يشترط الخ. قوله: (أو إبلاء أسف) أي: فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه. قوله: (يبغونها) أي: يبغون لها اعوجاجاً. قوله: (أو لأن الهوى الخ) عطف على قوله أما على ان الفعل الخ. قوله: (لحصول الخ) أي: لأن العطف على ضمير الرفع المتصل لا يصح إلا إذا فصل بين المتعاطفين بضمير منفصل أو فاصل ما.
  قوله: (وقد أجيز) أي: الإعراب الأول ذهب إليه الزجاج وابن عطية والزمخشري قائلين ان حسب اسم فعل بمعنى يكفي، فالضمة بنائية والكاف مفعول به ودرهم فاعل وزيداً مفعول معه وذهب غيرهم إلى أن حسب اسم فاعل بمعنى كافي فالضمة إعرابية وهو مبتدأ والكاف في محل جر به مضافاً إليها ودرهم خبر المبتدأ وزيداً مفعول به بتقدير فعل هو يحسب بمعنى يكفي والواو لعطف جملة على جملة وفاعل يحسب ضمير يعود على الدرهم لتقدمه رتبة اهـ دماميني. قوله: (بإضمار يحسب) بضم أوله وكسر ثالثه اهـ شمني وعلى هذا قالوا أو لعطف الجمل ودرهم في نية التقديم. قوله: (وهو الصحيح) أي: وكونه مفعولاً به هو الصحيح أي: المفعول معه غير صحيح؛ لأنه لا يعمل الخ