حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

من الحال ما يحتمل باعتبار عامله وجهين

صفحة 255 - الجزء 3

  من الحال ما يحتمل باعتبار عامله وجهَيْنِ، نحو: {وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا}⁣[هود: ٧٢] يحتمل أن عامله معنى التنبيه أو معنى الإشارة، وعلى الأول فيجوز «قَائِماً ذَا زَيْدٌ» قال [من البسيط]:

  ٨٠١ - ها بَيْنَا ذَا صَرِيحُ النَّصْحِ فَأَضْعَ لَهُ ... [وَطَعْ فَطَاعَةٌ مُهْدِ نُصْحَهُ رَشَدًا]

  وعلى الثاني يمتنع؛ وأما التقديم عليهما معاً فيمتنع على كل تقدير.

  من الحال ما يحتمل التعدد والتداخل، نحو: «جاء زيد راكباً ضاحكاً»، فالتعدد على أن يكون عاملهما «جاء»، وصاحبهما «زيد»؛ والتداخل على أن الأولى من «زيد» وعاملها «جاء»، والثانية من ضميرِ الأولى وهي العامل؛ وذلك واجب عند من مَنَعَ


  قوله: (يحتمل ان عامله الخ) إن قيل أن العامل في الحال هو العامل في صاحبها، وإذا كان العامل في الحال معنى التشبيه أو الإشارة لا يكون كذلك؛ لأن بعلي خبر والعامل فيه الابتداء أو المبتدأ أو أجيب بأن انتصاب الحال عن بعلي ليس باعتبار أنه خبر المبتدأ بل باعتبار أنه مفعول المحذوف أي: أنبه أو أشير والأصل هذا بعلي أشير إليه أو أنبه عليه شيخاً فالعامل هنا في الحال وفي صاحبها واحد اهـ شمني قوله: (معنى التنبيه) هو الأولى بالعمل عند الكوفيين لسبقه. قوله: معنى التنبيه أي ما في ها التنبيه من معنى الفعل وهو أنبه وقوله: أو معنى الإشارة أي: وهو الأولى بالعمل عند البصريين لقربه من الحال، وقوله: أو معنى الإشارة، أي ما في الاسم الإشارة من معنى الفعل وهو أشير. قوله: (ها بينا الخ) تمامه:

  وطع فطاعة مهد نصحهُ رَشَدُ

  قوله: (ذا صريح) الصريح الخالص، وقوله: فاصغ له أي فمل له. قوله: (يمتنع) أي: لتقدم الحال على عاملها المعنوي قوله: (فيمتنع على كل تقرير) أي: لتقدم الحال على عاملها المعنوي. قوله: (نحو جاء زيد راكباً احكا) اعلم أنهم نصوا على أن الحال إذا تعدد صاحبها لا تجعل لغير الأقرب إلا بدليل تقليلاً للفصل فينبغي أن يكون هنا كذلك؛ لأن كونها للأقرب سالم من الفصل وكونها للأبعد مستلزم للفصل وقد يفرق بأن الفصل هنا يسير واقع في موضع واحد وهناك، وإن كان يسيراً بقدر الفصل هنا إلا أنه واقع في موضعين قوله: (وذلك) أي: التدخل واجب عند من منع تعدد الحال، أي: مطلقاً، أي: كانت متضادة نحو اشتريت الرمان حلواً حامضاً أو غير متضادة نحو اخرج منها


٨٠١ - التخريج: البيت بلا نسبة في (شرح شواهد المغني ٢/ ٩٠١؛ وشرح عمدة الحافظ ص ٤٣٤).

اللغة: بيناً واضحاً جلياً صريح خالص. مهد: ناصح، هاد.

المعنى: يقول: إن هذا خالص النصح وصريحه فاستمع له وانتفع به، واعمل بالنصيحة، لأن العمل بها نجاح.