حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

من الحال ما يحتمل باعتبار عامله وجهين

صفحة 256 - الجزء 3

  تعدد الحال؛ وأما «لقيتُه مُصْعِداً مُنْحَدِراً» فمن التعدُّد، لكن مع اختلاف الصاحب؛ ويستحيل التداخل، ويجب كون الأولى من المفعول والثانية من الفاعل تقليلاً للفضل، ولا يُحمل على العكس إلا بدليل كقوله [من الطويل]:

  ٨٠٢ - خَرَجْتُ بِهَا أَمْشِي تَجُرُّ وَرَاءَنَا ... عَلَى أَثَرَيْنَا ذَيْلَ مِرطٍ مُرَجْلِ


  مذؤوماً مدحوراً أو شبهة المانعين لتعدد الحال القياس على ظرف الزمان والمكان، فإن الحال في المعنى ظرف إذ معنى جاء زيد راكباً جاء في حالة الركوب فكما لا يتعدد الظرف الزماني أو المكاني والمظروف واحد لا يتعدد الحال وصاحبها واحد قال الرضى: ولا وجه للقياس وذلك أن وقوع فعل واحد في زمانين أو مكانين مختلفين محال نحو جلست خلفك أمامك وضربت اليوم أمس فلو جئت بالواو لجاز لدلالته على تكرير الفعل وأما تقييد الفعل بقيدين مختلفين كما في قوله تعالى: {اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا}⁣[الأعراف: ١٨] فلا بأس به اهـ دماميني وسواءً كان القيدان المختلفان غير متضادين كما مثل أو كانا متضادين نحو اشتريت الرمان حلواً حامضاً قوله: (ويستحيل التداخل) أي: لعدم إمكان تقييد الحال الأولى بالثانية لاستحالة الجمع بينهما.

  قوله: (ويجب الخ) الذي ذكره الرضى أن الحال إذا تعددت وتعدد صاحبها الأكثر فيه ان تجعل كل حال بجنب صاحبها نحو لقيت مصعداً زيداً منحدراً ويجوز على ضعف أن يجعل حال المفعول بجنبه ويؤخر حال الفاعل نحو لقيت زيداً مصعداً منحدراً والمصعد زيد، وذلك لأنه لما كان مرتبة المفعول أقدم من مرتبة الحال أخرت الحالان وقدمت حال المفعول إذ لا أقل أن يكون أحد الحالين بجنب صاحبه لما يكن كل واحد بجنب صاحبه اهـ كلامه وانظر كيف حكم على ما جعله المصنف واجباً بأنه جائز على ضعف وبينهما بون بعيد. قوله: (تقليلاً للفصل) أي: لأن الفصل حينئذ واحد بين الفاعل وحاله بالمفعول وحاله بخلاف العكس وهو جعل الأولى من الفاعل والثانية من المفعول فإنه حينئذ فصلان أحدهما بين الفاعل وحاله بالمفعول والثاني بين المفعول وحاله بحال فاعل قوله: (خرجت بها أمشي الخ) تمامه:

  على أثرينا ذيل مرط مرحلِ

  والبيت لامرئ القيس من معلقته المشهورة ويروى على إثرنا أذيال مرط والأثر


٨٠٢ - التخريج: البيت لامرئ القيس في (ديوانه ص ١٤؛ وخزانة الأدب ١١/ ٤٢٧؛ والدرر ٤/ ١٠؛ وشرح التصريح ١/ ٣٨٧؛ وشرح شواهد الشافية ص ٢٨٦؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٦٥٢، ٩٠١؛ وشرح عمدة الحافظ ص ٤٦٢؛ ولسان العرب ٥/ ٤٦ (نير)؛ وبلا نسبة في رصف ص ٣٣٠؛ وشرح شافية ابن الحاجب ٢/ ٣٣٨؛ وهمع الهوامع ١/ ٢٤٤).

شرح المفردات المرط كساء من خز أو صوف المرحل: المخطط الموسى.

المعنى: يقول: خرج ليخلو بها في مكان أمين وهي تجرّ وراءها ثوبها الموشى ليخفي آثار أقدامهما فلا يُستدلّ عليهما.