حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الجهة السادسة

صفحة 306 - الجزء 3

  الجمهور في وجوب كون اسم «أَنْ» هذه ضمير شَأْنٍ فلا استثناء بالنسبة إلى ضمير الشأن، إذ يمكن أن يقدر: والخامسة أنها، وأما أنك، وأما {نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ}⁣[النمل: ٨] فيجوز كون «أن» تفسيرية.

  ومن الوهم في هذا الباب قولُ بعضهم في قوله تعالى: {وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا}⁣[البقرة: ٢٥٩] إن جملة الاستفهام حال من «العظام»، والصواب أن «كيف» وحدها حال من مفعول «ننشز»، وأن الجملة بدل من «العظام»، ولا يلزمُ من جواز كون الحال المفردة استفهاماً جواز ذلك في الجملة؛ لأن الحال كالخبر وقد جاز بالاتفاق، نحو: «كَيْفَ زَيْدٌ»، واختلف في نحو: «زَيْدٌ كَيْفَ هُوَ»، وقول آخرين إن جملة الاستفهام حالٌ في نحو: «عَرَفْتُ زَيْداً أَبُو مَنْ هُوَ» وقد مرَّ.


  قوله: (كون اسم أن هذه) أي: المخففة ضمير شأن، أي: بل يجوز أن يكون ضمير الغير الحال والشأن. قوله: (فلا استثناء بالنسبة إلى ضمير الشأن) بل خبره يمتنع جملة طلبية وقوله بالنسبة إلى ضمير الشأن أي: والاستثناء إنما هو بالنسبة لأن فقط. قوله: (أنها) أي: المرأة غضب. قوله: (أنك) أي: المخاطب جزاك الخ فخبر أن وقع جملة دعائية، واعلم أن الاتصال بالضمير يرد الأشياء لأصولها فلذا شددت أن قوله: (وأما نودي ان بورك الخ) جواب عما يقال أن أن المخففة في هذه يتعين أن اسمها يكون ضمير الشأن إذ لا يصح غيره وحينئذ فقد وقع خبر ضمير الشأن جملة إنشائية فكيف يقال إذا مشينا على مذهب غير الجمهور فلا استثناء، وحاصل الجواب أنه يتعين في هذه الآية أن تكون أن مخففة اسمها ضمير الشأن بل يجوز أن تكون غير مخففة وحينئذ فلا إيراد.

  قوله: (فيجوز كون تفسيرية) أي: ويجوز أن تكون مخففة من الثقيلة وخبرها جملة دعائية. قوله: (أن جملة الاستفهام حال من العظام) وجه الوهم أن الاستفهام إنشاء والجملة الحالية لا تكون إلا خبرية قوله: (بدل من العظام) يرد عليه أن هذه الجملة لا تحل محل المبدل منه وهو شرط في صحة البدل؛ لأنه يلزم عليه تعليق حرف الجر إلا أن يتلفت للمبني أي إلى العظام كيفية نشرها أو يقال إنه يغتفر في التابع على أن هذه القاعدة أغلبية كما مر. قوله: (كيف زيد) كيف خبر مقدم وزيد مبتدأ مؤخر. قوله: (واختلف في نحو زيد وكيف هو) أي: فقيل إن جملة كيف هو يصح أن تكون خبراً وهو الصحيح وقيل لأنها لا يصح لأنها جملة إنشائية. قوله: (زيد كيف هو) زيد مبتدأ وكيف خبر وهو مبتدأ ثانٍ والجملة خبر عن زيد قوله: (وقول آخرين) عطف على قول بعضهم. قوله: (عرفت زيداً أبو من هو) زيداً مفعول وأبو خبر مقدم ومن مضاف إليه وهو مبتدأ مؤخر الجملة سدت المفعول الثاني لا حال كما قاله بعضهم؛ لأن الحال لا تكون إلا خبرية.