حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الجهة السادسة

صفحة 305 - الجزء 3

  وقوله [من الرجز]:

  ٨٢٤ - إني إذَا مَا الْقَوْمُ كَانُوا أَنْجِيّة ... واضْطَرَبَ الْقَوْمُ أَضْطِرَابَ الأَرْشِيَة

  هُنَاكَ أوصيني وَلا تُوصي بية

  ويَنْبَغِي أن يستثنى من مَنْعِ ذلك في خبري «إِنَّ» وضمير الشأن خَبَرُ «أن» المفتوحة إذا خُففت؛ فإنه يجوز أن يكون جملة دعائية، كقوله تعالى: {وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا}⁣[النور: ٩] في قراءةِ مَن قرأَ «أنْ» بالتخفيف و «غَضِبَ» بالفعل و «الله» فاعل؛ وقوله: «أما أنْ جَزَاك الله خيراً» فيمن فتح الهمزة، وإذا لم نلتزم قول


  أي: فلا بد من تأويلها بخبرية؛ لأنها خبر إن أي: والأصل لا تحسبون بتأويل لا الناهية بالنافية والنهي واقع موقع النفي والنفي خبر وإسناد نام إلى ضمير الليل مجاز والمراد نوم أهله، أي: لا تحسبوهم سكتوا عنكم وتركوا الأخذ بثأر سيدهم منكم جعل تركهم الأخذ بالثأر نوم على سبيل الاستعارة اهـ تقرير شيخنا دردير. قوله: (كانوا أنجية) جمع نجى على صيغة فعيل وهو الذي تسارره من النجوى وهي المساررة والأرشية. رشاء بكسر الراء وبالمد وهو الحبل الذي في الدلو يريد أن الناس إذا سار بعضهم بعضاً واضطربت آراؤهم كاضطراب الأحباب في الآبار عند الاستقاء منها فهو ثابت الرأي لا يتزلزل لسداد فكره وحسن نظره فكان جديراً لأجل ذلك بأن يعصى على غيره ولا يعصى غيره عليه اهـ دماميني. قوله: (هناك) متعلق بأوصني وهو جملة إنشائية وقع خبراً لأن فلا بد من تأويلها بخبرية والمعنى أني أستحق أن أكون وصياً على غير في تلك الحالة.

  قوله: (ولا توصي بيه) أي علي فالباء بمعنى على والهاء للسكت وجواب إذا محذوف لدلالة خبر إن عليه قوله: (من منع ذلك) أي: من منع وقوع الجملة الإنشائية خبراً لضمير الشأن ولأن قوله: (أن يكون) أي: خبر إن وخبر ضمير الشأن قوله: (دعائية) أي: أو هي إنشائية قوله: (أن غضب) أي: أنه أي الحال والشأن غضب الخ. قوله: (أما أن جزاك الله خيراً) أي: فالأصل أنه جزاك الخ. قوله: (وإذا لم نلتزم الخ) أي: أن محل كونه يغتفر في خبر أن المفتوحة المخففة كونه جملة دعائية إذا مررنا على مذهب الجمهور من أن اسمها لا بد أن يكون ضمير الشأن.


= المعنى: لا تحسبوا من قتلتم رأسهم غافلون عن الأخذ بثأرهم.

٨٢٤ - التخريج: الرجز لسحيم بن وثيل اليربوعي في (لسان العرب ١٥/ ٣٠٨ / (نجا)؛ وبلا نسبة في أساس البلاغة ٤٤٨ (نجو)؛ وجمهرة اللغة ص ٢٣٥، ٨٠٩؛ وخزانة الأدب ١٠/ ٢٤٧؛ ولسان العرب ١٤/ ٣٤٨ (روي)، ١٥/ ٣٠٩ (نجا)؛ ونوادر أبي زيد ص ١١).

اللغة: النجي: هو الذي تكلمه همساً. الرشاء: هو حبل الدلو إلى البئر.

المعنى: لقد أصبحت وصياً على القوم لسداد رأيي ودقة رؤيتي على غير عادة القوم في اختلاف آرائهم وتذبذبها.