النوع العاشر: تخصيصهم جواز وصف بعض الأسماء بمكان دون آخر
  إن الجملة بعد «كم» صفة لها، والصواب أنها صفة لـ «قرن»، وجمع الضمير حملاً على معناه، كما جُمعَ وَصف «جميع» في نحو: {وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ ٣٢}[يس: ٣٢].
  النوع العاشر: تخصيصهم جواز وصف بعض الأسماء بمكان دون آخر، كالعامل من وصف ومصدر، فإنه لا يوصَفُ قبل العمل ويوصف بعده، وكالموصول فإنه لا يوصف قبل تمام صلته ويوصف بعد تمامها، وتعميمهم الجواز في البعض، وذلك هو الغالب.
  ومن الوهم في الأول قولُ بعضهم في قول الحطيئة [من البسيط]:
  ٨٢٨ - أَزْمَعْتُ يَأْساً مُبِيناً مِنْ نَوَالِكُمُ ... وَلَنْ تَرَى طَارِداً للحُر كالْيَاسِ
  قوله: (أن الجملة بعدكم) المراد بها جملة هم أحسن قوله: (والصواب أنها صفة لقرن) أي: لأن كم متوغلة في شبه الحرف فلا توصف وفيه أن هذا لا يكفي في الدلالة على منعه وماذا يصنع المصنف بمثل كم من رجل قام وكم من قرية هلكت فإنه لا يظهر فيه سوى أن الظرف متعلق بمحذوف وهو في محل رفع صفة لكم التي من مبتدأ أي كثير من الرجال قام وكثير من القرى هلك قال الرضى: وإذا أنجر المميز بمن وجب تقديركم منونة يعني: أنها تكون حينئذ نكرة والجار والمجرور صفة لها والمعنى مساعد عليه اهـ دماميني. قوله: (تخصيصهم الخ) حاصله أن بعض الأسماء كاسم الفاعل واسم المفعول العاملين والمصدر خصوا جواز وصفها ببعد العمل ومنعوه قبله، وكذلك الموصول خصوا جواز وصفه ببعد الصلة ومنعوه قبل تمامها. قوله: (بمكان) هو البعدية كما يأتي. قوله: (كالعامل) أي: كالوصف العامل من اسم فاعل أو مفعول قوله: (وتعميم الجواز الخ) أي: أن بعض الأسماء جوزوا وصفها مطلقاً قبل عمله وبعده. قوله: (الحطيئة) بالحاء المهملة. قوله: (أزمعت الخ) قبله:
  لما بدا لي منكم عيب أنفسكم ... ولم يكن ل كم آس
  أزمعت الخ، أي: جزمت وعرفت واليأس القنوط مبيناً اسم فاعل من أبان بمعنى بان
٨٢٨ - التخريج: البيت للحطيئة في (ديوانه ص ١٠٧؛ والأغاني ٢/ ١٥٤؛ وحاشية يس ٢/ ٦٣؛ وحماسة البحتري ص ١٦٦؛ والخصائص ٣/ ٢٥٨؛ والدرر ٥/ ٢٥١؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٩١٦؛ ولسان العرب ٦/ ٢٣٠ (نسس)؛ والمحتسب ١/ ٣٠٧؛ وهمع الهوامع ٢/ ٩٣).
اللغة: أزمع: عزم على الأمر اليأس: القنوط النوال: نال الشيء أخذه. أناله أعطاه. الحر: الكريم.
المعنى: لقد رحلت عنكم لما أيقنت من منعكم الحر من العطاء فأمدح غيركم وآخذ عطاياه الكريمة.