الجهة السادسة
  التوضيح، نحو: {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ}[سبا: ٤٨]، ونحو: {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ}[البقرة: ١٦٣] فقدّر {عَلَّامُ} نعتاً للضمير المُسْتَتِر في {يَقْذِفُ بِالْحَقِّ} و {الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} نعتين لـ «هو»، وأجاز غير الفارسي وابن السراج نعت فاعِلَيْ «نعم» و «بئس» تمسكاً بقوله [من الكامل]:
  ٨٢٧ - نِعْمَ الْفَتَى المُرِّيُّ أَنْتَ إِذَا هُمُ ... حَضَرُوا لَدَى الحجرات نَارَ الْمَوْقِدِ
  وحمله الفارسي وابن السراج على البدل، وقال ابن مالك: يمتنع نعته إذا قصد بالنعت التخصيص مع إقامة الفاعل مقام الجنس؛ لأن تخصيصه حينئذٍ مُنَافٍ لذلك القصْد، فأما إذا تُؤوّل بالجامع لأكمل الخصالِ فلا مانع من نعته حينئذ، لإمكان أن يُنْوَى في النَّعتِ ما نُوِي في المنعوت، وعلى هذا يُحمل البيت، اهـ.
  وقال الزمخشري وأبو البقاء في {وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ}[مريم: ٧٤]:
  لمدح أو ذم قوله: (نعتاً للضمير) وحمله الجمهور على البدل منه وكذا يقال فيما بعد. قوله: (وأجاز غير الفارسي الخ) تبع المصنف في هذه العبارة ابن مالك في التسهيل واعترضه المصنف في حاشيته عليه بأن المانع إنما هو الجمهور لا ابن السراج والفارسي وهما القائلان بالجواز وهذا الاعتراض بعينه يرد على المصنف اهـ دماميني. قوله: (تمسكاً بقوله نعم الفتى المري الخ) المري: نسبة لمرة والبيت لزهير بن أبي سلمى يمدح سنان بن حارثة والموقد بضم الميم وكسر القاف وتمسكوا أيضاً بقوله تعالى: {بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ ٩٩}[هود: ٩٩]. قوله: (وحمله الفارسي وابن السراج) الأولى وحمله الجمهور على البدل لما علمت وهذا مبني على أن لاصفة تخصصه والمقصود العموم والإبهام قال الرضى: وليس بشيء؛ لأن الإبهام مع مثل هذا باقٍ إذ المخصص لا يعين فهو كقوله تعالى: ولعبد مؤمن.
  قوله: (يمتنع نعته) أي: فاعل نعم. قوله: (مع لأن إقامة الفاعل مقام الجنس) أي: مع كون الفعل مراداً منه الجنس. قوله: (مناف لذلك القصد) أي: لأن إرادة الجنس تخصص الإبهام. قوله: (إذا تؤول) أي: الفاعل. قوله: (وعلى هذا يحمل البيت) أي: فالمعنى نعم الجامع لأكمل الخصال المنسوب لمرة.
٨٢٧ - التخريج البيت لزهير في (ديوانه ص ٢٧٥؛ وخزانة الأدب ٩/ ٤٠٤، ٤٠٧، ٤٠٨ وشرح شواهد المغني ٢/ ٩١٥؛ والمقاصد النحوية ٤/ ٢١؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٥/ ٧١؛ وشرح الأشموني ٢/ ٣٧٣).
اللغة: المري: نسبة إلى بني مرة الحجرات: الغرف أو الجهات.
المعنى: نعم الكريم أنت يا مطعم الجياع المجد بين القادمين من أصقاع الأرض، فأنت خير مرة على كرمها.