حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

النوع الثاني عشر: إيجابهم لبعض معمولات الفعل وشبهه

صفحة 314 - الجزء 3

  وكالمفعول الذي هو «أي» الموصولة، نحو: «سأكْرِمُ أَيُّهُمْ جَاءَني» كأنهم قصدوا الفرق بينها وبين «أي» الشرطيَّة والاستفهاميَّة، والمفعول الذي هو «أَنَّ» وصلتها، نحو: «عَرَفْتُ أَنَّكَ فَاضِل»؛ كرهوا الابتداء بـ «أَنَّ» المفتوحة لئلا يلتبس، بـ «أنَّ» التي بمعنى «لَعَلَّ»؛ وإذا كان المبتدأ أصله التَّقديمُ يجب تأخره إذا كان «أنَّ» وصلتها، نحو: {وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ}⁣[يس: ٤١] فأنْ يجب تأخُرُ المفعول الذي أصله التأخيرُ، نحو: {وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ}⁣[الأنعام: ٨١] أحقُّ وأولى، وكمعمول عامل اقترن بلام الابتداء أو القسم، أو حرف الاستثناء، أو «ما» النافية، أو «لا» في جواب القسم.

  ومن الوهم في الأول قولُ ابن عصفور في {أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا}⁣[السجدة: ٢٦]. أن «كم» فاعل «يَهْدِ»؛ فإن قلت: خرجه على لغة حكاها الأخفش، وهي بعض العرب لا يلتزم صَدْريّة «كم» الخبرية قلت: قد اعترف بِرَدَاءتها، فتخريج التنزيل عليها بعد ذلك رداءة؛ والصواب أن الفاعل مستتر راجع إلى الله سبحانه


  قوله: (وكالمفعول الذي هو الخ) أي: فالمانع إنما هو أمر لفظي وهو زوال النكتة اللفظية وهي الفرق بين أي الموصولة والشرطية، وأما من جهة المعنى فلا يحصل خلل واعلم أن وجوب تقديم عامل أي: الموصولة مذهب الكوفيين على ما ذكره ابن مالك في التسهيل حيث قال في أي الموصولة ولا يلزم استقبال عاملها ولا تقديمه خلافاً للكوفيين اهـ شمني.

  قوله: (كأنهم قصدوا) أي: بتأخير أي الموصولة قوله: (والمفعول الذي هو أن الخ) هذا مما العارض فيه معنوي وذلك لأنه عند التقديم يتوهم أن أن بمعنى لعل فتكون الجملة حينئذ إنشائية مع أن الغرض الخبر. قوله: (كمعمول الخ) هذا مثال للعارض اللفظي وذلك؛ لأن معمول هذا العامل ولو قدم عليه لم يلزم خلل في المعنى وإنما يلزم خلل في الصناعة، فإذا قلت إن زيداً عمراً ليضرب لم يحصل خلل في المعنى وإنما يفوت الأمر اللفظي وهو استحقاق لام الابتداء الصدارة فالأولى حينئذ أن زيداً ليضرب عمراً. قوله: (أو ما النافية) أي: لأن لها الصدارة مطلقاً في قسم أو لا نحو والله ما ضرب زيد عمراً ونحو ما ضرب زيد عمراً فلا يجوز تقديم عمرو على العامل في المثالين بخلاف لا فإنها لا تستحق الصدارة إلا في جواب القسم نحو والله يضرب زيد عمراً فلا تقدم عمراً على لا. قوله: (أو القسم) نحو والله لا يضرب زيد عمراً وقوله: الاستثناء نحو ما جاء إلا الضارب زيداً فلا يجوز أن يقدم زيداً على إلا قوله: (ومن الوهم في الأول) أي: في القسم الأول وهو بعض المعمولات التي أوجبوا تقديمها على عاملها. قوله: (ان كم فاعل) ووجه الوهم أن كم الخبرية يجب تقدمها على عاملها وحينئذ فلا يكون فاعلاً؛ لأن الفاعل يجب تأخره عن. عامله.