حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الجهة السادسة

صفحة 315 - الجزء 3

  وتعالى، أي أَوَلَمْ يبين الله لهم، أو إلى الهدى؛ والأول قول أبي البقاء، والثاني قول الزجاج؛ وقال الزمخشري: الفاعل الجملة، وقد مرَّ أن الفاعل لا يكون جملة، و «كم» مفعول «أهلكنا»، والجملة مفعول «يَهْدِ»، وهو معلّق عنها، و «كم» الخبرية تُعلق خلافاً لأكثرهم.

  ومن الوهم في الثاني قولُ بعضهم في بيت الكتاب [من الطويل]:

  [صَدَدْتِ فَأَطْوَلُتِ الصُّدُودَ] وَقَلَّمَا ... وِصَالٌ عَلَى طُولِ الصُّدُودِ يَدُومُ

  إن «وصال» فاعل بـ «يدوم»، وفي بيت الكتاب أيضاً [من الوافر]:


  قوله: (أو إلى الهدى) أي: المفهوم من يهد أي فالأصل أو لم يهد الهدى أي: أو لم يبين لهم البيان، أي: أو لم يحصل لهم البيان، أو ان الفاعل ضمير العلم فهي احتمالات ثلاثة كما مر. قوله: (الفاعل الجملة) أي: لأن المراد منها معناها أي: مضمونها والتقدير أو لم يبين لهم كثرة إهلاكنا هكذا كلام الزمخشري، وإذا كان المراد من الجملة معناها فيرد اعتراض المصنف عليه بأن الجملة لا تكون فاعلاً وبما علمت من أن الزمخشري قدر هذا التقدير تعلم أن اعتراض الدماميني والشمني على المصنف لا يصح لأنهما قالا يمكن أن الزمخشري مراده أن الفاعل لفظ الجملة أي: وإذا أريد لفظ الجملة صح جعلها فاعل اتفاقاً؛ لأنها حينئذٍ مفرد فهو مثل قول لا إله إلا الله فالحق أن اعتراض المصنف على الزمخشري ظاهر قوله: (وقد مر الخ) هذا اعتراض على الزمخشري أي: لا يكون جملة على الصحيح وقد مر أنه قيل أنها تكون فاعلاً مطلقاً؛ وقيل: أنه يجوز أن تكون فاعلاً إن لم تقترن بما له الصدارة. قوله: (وكم مفعول أهلكنا) هذا على وجهي الصواب السابقين قوله: (والجملة مفعول يهد) هذا المفعول مصرح باعتبار تضمين يهد معنى يبين فتكون الجملة في محل مفعول مصرح أي: يتعدى إليه الفعل بنفسه أي: ألم يبين الله لهم ذلك. قوله: (وهو معلق عنها) أي: عن العمل في لفظ الجملة. قوله: (خلافاً لأكثرهم) أي: وغير الأكثر القائل بأنها تعلق إنما هو الزمخشري، وقد سبق للمصنف في الباب الرابع وجوز الزمخشري كون كم الخبرية تعلق ولم يصرح به أحد من النحويين لكن كلام المصنف شيء وذلك أنه أولاً اعترض على الزمخشري وهنا سلمه إلا أن يقال أو لا اعتراض عليه لعدم ظهوره له ثم ظهر له وهو مجتهد لكن قوله خلافاً لأكثرهم يفيد أن أكثر النحويين صرح بالمنع وظاهر ما سبق أنه يصرح بالمنع أحد منهم إذا ليس مجرد سكوت النحاة عن كونها تعلق مسوغاً للنقل عنهم انها لا تعلق، فإن كان المصنف ظفر بنقل من جهتهم صريح في ذلك أو ظاهر فيه فذلك مسلم لكنه يشكل على قولهم أن لها الصدر تأمل اهـ تقرير شيخنا دردير قوله: (ومن الوهم في الثاني) أي: وهو إيجابهم تأخير بعض المعمولات عن العامل. قوله: (وفي بيت الكتاب أيضاً) صدره:

  فإنك لم تبالي بعد حولِ