حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

السابع: قول الزمخشري

صفحة 335 - الجزء 3

  حملهم على ذلك أن النصب قراءة الأكثرين، فإذ قُدر الاستثناء من {أَحَدٌ} كانت قراءتهم على الوجه المرجوح؛ وقد التزم بعضهم جواز مجيء قراءة الأكثر على ذلك، مستدلاً بقوله تعالى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ٤٩}⁣[القمر: ٤٩]، فإن النصب فيها عند سيبويه على حد قولهم: «زيداً ضربته»، ولم يَرَ خوف إلباس المفسّر بالصفة مرجحاً، كما رآه بعض المتأخرين، وذلك لأنه يرى في نحو: «خِفْتُ» بالكسر و «طُلْتُ»


  تقدم من البحث في كلام الزمخشري والجواب عنه تنبه فقول الزمخشري الخ. قوله: (على الوجه المرجوح) أي: لأن الاستثناء من الكلام الغير الموجب الأرجح فيه الإبدال ولذلك جعلوا الاستثناء من بأهلك. قوله: (على ذلك) أي: على الوجه المرجوح. قوله: (فإن النصب فيها الخ) فقد خرج قراءة الأكثر على الوجه المرجوح وحينئذ فلتكن هنا كذلك مخرجة على الوجه المرجوح ولا ضرر فيه قوله: (فإن النصب فيها عند سيبويه الخ) حاصل ذلك أن بعضهم قرأ إنا كل بالرفع وهذه القراءة يحتمل أن يكون خلقناه صفة لشيء مخصصة وبقدر خبر وهذا لا يفيد عموم القدر في جميع المخلوقات فيوهم وجود شيء ليس بقدر لأنه ليس بمخلوق له، وذلك لأن المعنى على هذا الاحتمال إنا كل شيء مخلوق لنا كائن بقدر فيفيد أن الشيء الغير المخلوق الله ليس بقدر، وهذا قول القدرية وهو باطل، ويحتمل أن خلقناه وخبر وقوله بقدر خبر ثان والمعنى كل شيء مخلوق لنا مخلوق بقدر، وهذا الوجه يفيد المعنى المراد من الآية وهو عموم خالق الأشياء بقدر خيراً كان أو شراً كما يقول أهل السنة، وأما قراءة النصب فلا تحتمل إلا مذهب أهل السنة إذ لا يتوهم عند نصب كل شيء كون خلقناه صفة لكل شيء لأنه إذا نصب كل شيء لزم أن يكون خلقناه مفسراً لناصبه، وإذا كان مفسراً فلا يكون صفة، وحينئذ فيفيد المعنى المقصود إذ التقدير خلقنا كل شيء بقدر.

  قوله: (زيداً ضربته) أي: ونصب زيد على الاشتغال مرجوح والراجح الرفع على ما بين في محله فإنه من أفراد قول ابن مالك:

  والرفع في غير الذي مر رجحْ

  قوله: (ولم ير) أي: سيبويه وحاصله أن نصب كل شيء عند سيبويه في الآية من قبيل النصب المرجوح لا من قبيل النصب الراجح، فإن قيل ليس النصب في الآية مرجوحاً، وإنما هو راجح لأنه في الرفع في الآية يخاف التباس المفسر بالصفة أي يخاف التباس ما جعل مفسراً في حالة النصب بالصفة وهو ترجيح للنصب إذ لا التباس فيه، وأجيب بأن سيبويه لم ير خوف إلباس المفسر بالصفة إذا رفع الاسم مرجحاً للنصب على الرفع كما يراه غيره، وذلك لكثرة وقوع الإلباس في العربية فلا تكون السلامة منه مرجحة. قوله: (مرجحاً) أي: لقراءة النصب أي إنه يجعلها من باب الاشتغال المرجوح ولم ير ترجيحها بخلوها عن الإلباس اللازم على قراءة الرفع لكثرة وقوع الإلباس في العربية، وأما غير سيبويه فقد جعل ذلك مرجحاً للنصب. قوله: (نحو خفت) اعلم أنه يحتمل أنه مبني