حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الثاني

صفحة 338 - الجزء 3

  الأول، فإنّ «الأمد» ليس مُخصِياً بل مُحْصَى، وشرطُ التمييز المنصوب بعد «أفْعَلَ» كونه فاعلاً في المعنى كـ «زَيْدٌ أَكْثَرُ مَالاً» بخلاف «مَالُ زَيْدِ أَكْثَرُ مال».

  الثاني: نحو «زَيْدٌ كاتِبٌ شاعِرٌ»، فإن الثاني خبر أو صفة للخبر، ونحو: «زيد رَجُل صالح» فإن الثاني صفة لا غير، لأن الأول لا يكون خبراً على انفراده لعدم العائد، ومثلهما «زَيْدٌ عَالِم يَفْعَلُ الْخَيْرَ وزَيْدٌ رَجُلٌ يَفْعَلُ الخَيْرَ»، وزعم الفارسي أن الخبر لا يتعدد مُختلفاً بالإفراد والجملة؛ فيُعيّن عنده كون الجملة الفعلية صفة فيهما، والمشهور فيهما الجواز؛ كما أن ذلك جائز في الصفات، وعليه قول بعضهم في {فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ ٤٥}⁣[النمل: ٤٥]: إن «يختصمون» خبر ثان أو صفة، ويحتمل الحالية أيضاً أي فإذا هم مفترقون مختصمين؛ وأوْجَبَ الفارسي في {كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ}⁣[البقرة: ٦٥؛ والأعراف: ١٦٦] كَوْنَ «خاسئين» خبراً ثانياً؛ لأن جمع المذكر السالم لا يكون صفة لما لا يعقل.

  الثالث: «رأيْتُ زَيْداً فَقِيها، ورَأَيْتُ الْهِلَالَ طَالِعاً» فإن «رأى» في الأول علمية، و «فقيهاً» مفعول ثانٍ وفي الثاني بَصَرية، و «طالعاً» حال؛ وتقول: «تَرَكْتُ زَيْداً عالماً» فإن فسرت «تركت» بـ «صيَّرت» فـ «عالماً» مفعول ثانٍ أو بـ «خلفت» فحال؛ وإذا


  قوله: (فإن الأمد (الخ) هذا تعليل للوهم قوله: (كزيد أكثر مالا) أي: ففاعل الكثرة في المعنى المال لا زيد اهـ تقرير دردير قوله: (كونه فاعلاً في المعنى) أي: كما قال في الخلاصة:

  والفاعل المعنى انصبن بأفعلا ... مفضلاً كانت أعلى منزلاً

  قوله: (بخلاف مال زيد الخ) هذا تمييز مخفوض محترز المنصوب فلا يشترط كونه في المعنى لأن فاعل الكثرة مال زيد لا مطلق مال اهـ تقرير شيخنا دردير. قوله: (لعدم الفائدة) أي: لأن من المعلوم أن زيداً رجل وشرط الخبر أن يفيد ما لا يفيده المخبر عنه إما بنفسه أو بغيره كالخبر الموطئ كما هنا قوله: (يفعل الخير) أي: فالجملة إما خبر ثان أو صفة للخبر، وقوله وزيد رجل يفعل الخير أي فهي صفة لا غير لعدم إفادة الأول على انفراده قوله: (صفة فيهما) أي: في المثالين، وقوله والمشهور فيهما أي في المثالين. قوله: (الجواز) أي: جواز كون الجملة خبراً كما يجوز أن تكون صفة. قوله: (ذلك) أي: تعدد الخبر. قوله: (جائز في الصفات) أي: إذا كان كل منهما صفة نحو زيد عالم فاضل. قوله: (وعليه) أي: على ذلك المشهور يتخرج قول بعضهم. قوله: (لأن جمع المذكر السالم لا تكون صفة لما لا يعقل) أي: فلا يجوز أن يكون صفة لقردة لأن جمع الخ: قوله: (وفقيها مفعول ثان) فإن قيل لم لا تكون رأى في الأول بصرية وفقيهاً حالاً أجيب بأن الغالب في الحال أن تكون منقلة وفقيهاً ليس كذلك اهـ شمني. قوله: