حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

أحدها: نحو

صفحة 337 - الجزء 3

  المؤمنون وإن لم يكونوا من أهل بيته، لا أهل بيته وإن لم يكونوا مؤمنين؛ ويؤيده ما جاء في ابن نوح # {يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ}⁣[هود: ٤٦]، ووجه الرفع أنه على الابتداء، وما بعده الخبر، والمستثنى الجملة، ونظيره {لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ ٢٢ إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ ٢٣ فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ}⁣[الغاشية: ٢٢، ٢٤] واختار أبو شامة ما اخترته من أن الاستثناء منقطع، ولكنه قال: وجاء النصب على اللغة الحجازية والرفع على التميميَّةِ، وهذا يدل على أنه جعل الاستثناء النهي، وما قدمته جملة من أولى؛ لضعف اللغة التميمية، ولما قدمت من سقوط جملة النهي في قراءة ابن مسعود حكاها أبو عبيدة وغيره.

  ***

  الجهة التاسعة: أن لا يتأمّل عند وجودِ المشتبهات، ولذلك أمثلة:

  أحدها: نحو: «زَيْدٌ أَحْصَى ذِهْناً»، و «عَمْرٌ أَحْصَى مَالاً» فإن الأوَّل على أن «أحصى» اسم تفضيل والمنصوب تمييز، مثل: «أحْسَن وَجْهاً» والثاني على «أن» «أخصى» فعل ماض، والمنصوب مفعول مثل {وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا}⁣[الجن: ٢٨].

  ومن الوهم قول بعضهم في {أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا}⁣[الكهف: ١٢]: إنه من


  وخير ما فسرته بالوارد قوله (الحجر) وهي فأسر بأهلك بقطع من الليل وامضوا حيث تؤمرون. قوله: (يا نوح إنه ليس من أهلك) أي: الناجين قوله: (ووجه الرفع) أي: مع أنه استثناء من كلام تام موجب وهو واجب النصب. قوله: (على اللغة الحجازية) حاصله أن الاستثناء إذا كان من كلام تام غير موجب بأن تقدمه نفي أو نهي فإن كان متصلاً فالأرجح الاتباع ويجوز النصب على الاستثناء، وإن كان منقطعاً. تعين النصب على الاستثناء عند الحجازين وجاز الاتباع أيضاً عند التميمين قوله: (وهذا يدل الخ) أي: لأن الاستثناء لو كان جملة الأمر تحتم النصب عند الحجازيين والتميميين جميعاً على تقدير الانقطاع مثل الاتصال. قوله: (من جملة النهي) أي: من أحد الواقع في جملة النهي ووجه الانقطاع أن الخطاب في منكم للمؤمنين. قوله: (وما قدمته) أي: كون الاستثناء من جملة الأمر على القراءتين. قوله: (من سقوط جملة النهي) أي: فإن سقوطها في بعض القراءة يدل على أن المستثنى منه جملة الأمر إذ لا يجوز حذف المستثنى منه مع عامله قوله: (أحصى ذهناً) قد يتوهم أن ذهناً هنا مضبوط بالباء الموحدة بقرينة ذكر المال وليس كذلك بل هو بالنون واحد الأذهان وإلا كان مثل أحصى مالاً والذهن قوة للنفس معدة لاكتساب الآراء وشدتها هي الذكاء وجودة تهيئها لتصور ما يرد عليها هي الفطنة اهـ شمني. قوله: (تمييز) أي: محول عن الفاعل.