حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

وأما قولهم

صفحة 344 - الجزء 3

  وإنما أجاز كثير من النحويين في نحو قولك: «نعم الرجل زَيْدٌ» كونَ «زيد» خبراً لمحذوف مع إمكان تقديره مبتدأ والجملة قبله خبراً، لأن «نعم» و «بئس» موضوعان للمدح والذم العامَّيْنِ؛ فناسَبَ مقامهما الإطناب بتكثيرِ الجمل، ولهذا يجيزون في نحو {هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ٢ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ}⁣[البقرة: ٢، ٣] أن يكون {الَّذِينَ} نصباً بتقدير: «أمدح»، أو رفعاً بتقدير: «هم»، مع إمكان كونه صفة تابعة، على أن التحقيق الجزم بأن المخصوص مبتدأ وما قبله خبر، وهو اختيار ابن خروف وابن الباذش، وهو ظاهرُ قول سيبويه.

  وأما قولهم: «نعم الرَّجُل عَبْدُ الله» فهو بمنزلة «ذهب أخوه عبد الله»، مع قوله: وإذا قال «عبد الله نعم الرجل»، فهو «عبد الله ذهَبَ أخوه» فسوى بين تأخير المخصوص وتقديمه. والذي غَرَّ أَكْثَرَ النحويين أنه قال: كأنه قال: «نعم الرجل»، فقيل له: مَنْ هو؟ فقال: عبد الله؛ ويردّ عليهم أنه قال أيضاً: وإذا قال «عبد الله» فكأنه


  (وإنما أجاز الخ) جواب عما يقال كيف يكون الإعراب المخالف للظاهر خطأ أن كثيراً من النحويين أجاز في نحو نعم الرجل زيد أن يكون زيد خبر المحذوف وهو خلاف الظاهر. قوله: (خبر المحذوف) أي: الممدوح زيد قوله: (العاملين) أي: في صفات المدح والذم فمعنى نعم الرجل أمدح الرجل بجميع. صفات المدح ومعنى بئس الرجل أذمه صفات الذم. قوله: (فناسب مقامهما الإطناب بتكثير الجمل) أي: وحينئذ فيكون بجميع هذا الإعراب الذي أجازه من النحاة مخالفاً للظاهر لمقتض وهذا غير خطأ والخطأ إنما هو مخالفته لغير مقتض كما مر. قوله: (ولهذا) أي: لأجل كون مقام المدح يقتضي الإطناب وينبغي فيه تكثير الجمل. قوله: (يجيزون) أي: لأن المقام مدح الكتاب. قوله: (على أن التحقيق) أي: لكن التحقيق وهذا استدراك على ما يتوهم من أن ما أجازه كثير من النحاة هو التحقيق لكونه لمقتض. قوله: (وأما قولهم الخ) هذا مقول قول سيبويه. قوله: (فهو بمنزلة ذهب أخوه عبد الله) أي: في كون عبد الله مبتدأ والجملة قبله خبر عنه. قوله: (مع قوله) أي: قول سيبويه قوله: (وإذا قال) أي: القائل قوله: (فهو بمنزلة عبد الله ذهب أخوه) أي: في كون عبد الله مبتدأ والجملة بعده خبر عنه. قوله: (فسوى الخ) أي: حيث جعل المخصوص في كل مبتدأ والجملة خبره كانت متقدمة عليه أو متأخرة عنه. قوله: (والذي غر أكثر النحويين) أي: في جعلهم المخصوص. إذا تأخر عن الجملة نحو نعم الرجل زيد ونعم الرجل عبد الله خبراً لمبتدأ محذوف. قوله: (إنه) أي: سيبويه. قوله: (كأنه) أي: القائل. قوله: (فقال عبد الله) أي: هو عبد الله فظاهر هذا الكلام أن المخصوص بالمدح أو الذم إذا كان متأخراً كان الكلام جملتين ثانيتهما جواب سؤال مقدر حذف مبتدؤها وبقي خبرها.

  قوله: (إنه قال أيضاً) بمعنى أنه يرد على أكثر النحاة أن سيبويه كما قال هذه العبارة