حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

وأما قول سيبويه

صفحة 343 - الجزء 3

  رَبْعٌ قَوَاءٌ أَذَاعَ المُعْصِرَاتُ بِهِ ... وَكُل حَيْرَانَ سَارٍ مَاؤُهُ خَضِلُ

  إن التقدير: هو ربع، ولم يجعله على البدل من الطلل، لأن الربع أكثر منه، فكيف يُبدل الأكثر من الأقل؟ ولئلا يصير الشعرُ مَعيباً لتعلّق أحد البيتين بالآخر، إذ البدل تابع للمُبْدَل منه، ويُسمي ذلك علماء القوافي تضميناً، ولأن أسماء الديار قد كثر فيها أن تُحْمَل على عامل مضمر، يقال: دار مية، وديار الأحباب، رفعاً بإضمار «هي»، ونصباً بإضمار «اذكر»، فهذا موضع أُلف فيه الحذف.

  وإنما قال الأخفش في «ما أحْسَنَ زَيْداً» إن الخبر محذوف، بناءً على أن «ما» معرفة موصولة أو نكرة موصوفة، وما بعدها صلة أو صفة، مع أنه إذا قدر «ما» نكرة تامة والجملة بعدها خبراً - كما قال سيبويه - لم يحتج إلى تقدير خبر، لأنه رأى أن «ما» التامة غيرُ ثابتةٍ أو غير فاشية، وحَذْفُ الخبر فاش؛ فترجَّحَ عنده الحملُ عليه.


  والمعصرات السحاب تعصر المطر أو تصرها الرياح فتمطر، وقوله وكل عطف على المعصرات والخضل بفتح الخاء وكسر الضاد البارد الرطب والنبت الناعم اهـ. شمني. قوله: (وكل حيران) أي: في سيره من السحاب لثقله وعدم الريح التي تسوقه فهو يتردد في الذهاب لأي جهة قوله: (ان التقدير الخ) أي: إذا رفعت وأما إذا نصبت فالتقدير أذكر ربعاً فقد جوز سيبويه فيه الرفع والنصب إلا ان الرسم لا يساعد الثاني. قوله: (ولم يجعله على البدل من الطل) أي: مع أنه ليس خلاف الأصل بخلاف جعله خبراً للاحتياج إلى تقدير. قوله: (لأن الربع أكثر منه) أي: لأن الدار أعني الربع أكثر من آثارها وجدارها وهو الطلل.

  قوله: (فكيف يبدل الأكثر الخ) اعتراض بأنه كما يمتنع بدل الأكثر من الأقل لعدم صدق أحدهما على الآخر يمتنع الإخبار بالأكثر عن الأقل لعدم الصدق أيضاً، وقد صرح سيبويه بأن الإخبار هنا يصح ولا بد له من مصحح وأي شيء فرض مصححاً للإخبار كان بعينه مصححاً للبدلية قال الشمني: وأقول مصحح الإخبار بالأكثر عن الأقل المبالغة وهي لا معنى لها في الأبدان. قوله: (أن تحمل) أي: يخبر بها عن عامل أي. عن مبتدأ محذوف وجوباً ولا يجوز إظهاره وكذا لا يجوز إظهار الفعل العامل فيها النصب، وإنما لم يجز إظهار الرافع ولا الناصب مع ذكر الدار والديار لكثرة ما جرى في أشعارهم من تقدم ذكر المنازل فجرى عندهم مجرى المثل والأمثال لا تعير فكذا ما جرى مجراها اهـ هـ دماميني.

  قوله: (لم يحتج إلى تقدير خبر) أي: بخلاف على كلامه لأن المعنى عليه الذي حسن زيداً شيء عظيم أو شيء حسن زيداً عظيم. قوله: (ان ما التامة) هي التي لا تحتاج لصلة أو صفة، وقوله الحمل عليه أي حمل ما أحسن زيداً على حذف الخبر. قوله: