حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

خاتمة - وإذ قد انجر بنا القول إلى ذكر الحذف فلنوجه القول إليه

صفحة 347 - الجزء 3

  قال: مَنْ أضرب؟ «زيدا»، ومنه {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا}⁣[النحل: ٢٤] {قَالُوا خَيْرًا}⁣[النحل: ٣٠]. وإنما يُحتاج إلى ذلك إذا كان المحذوف الجملة بأسرها كما مثلنا، أو أحَدَ رُكْنَيْها نحو: {قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ ٢٥}⁣[الذاريات: ٢٥] أي: سلام عليكم أنتم قوم منكرون، فحذف خبر الأولى ومبتدأ الثانية، أو لفظاً يُفيد معنى فيها هي مبنية عليه، نحو: {تَاللَّهِ تَفْتَأُ}⁣[يوسف: ٨٥] أي: لا تفتؤ؛ وأمَّا إذا كان المحذوف فضلة فلا يُشترط لحذفه وجدان الدليل، ولكن يُشترط أن لا يكون في حذفه ضرر معنوي كما في قولك: «مَا ضَرَبْتُ إلا زيداً» أو صناعي كما في قولك: «زَيْدٌ ضَرَبته»، وقولك: «ضَرَبَنِي وَضَرَبْتُه زيد»، وسيأتي شرحه.

  ولاشتراط الدليل فيما تقدَّم امتنع حذف الموصوف في نحو: «رَأَيْتُ رَجُلاً


  وهو مجيئهم ودخولهم عليه قوله: (من أضرب زيداً) أي: أضرب زيداً. قوله: (قالوا خيراً) أي: أنزل خيراً قوله: (إلى ذلك) أي: الدليل مطلقاً حالي أو مقالي. قوله: (ومبتدأ الثانية) أي: والدليل فيهما حالي. قوله: (أو لفظاً) أي: أو كان المحذوف لفظاً وهو لا في الآية يفيد ذلك اللفظ معنى وهو النفي مبنية الجملة عليه أي أن معناها متوقف عليه.

  قوله: هي أي (الجملة أي معناها قوله: (أي لا تفتؤ) أي: فالدليل حالي. قوله: (وأما إذا كان المحذوف فضله) أي: كما إذا قيل ضربت وأردت زيداً فإنه يجوز مع عدم القرينة على تعيينه. قوله: (ولكن يشترط الخ) ظاهره ان الذي في حذفه ضرر معنوي أو صناعي أنه لا يجوز الحذف، ولو وجد دليل وليس كذلك بل القصد أنه يجوز الحذف مع الدليل فهذا في قوة الاستثناء من قوله لا يشترط وجدان الخ تأمل. قوله: (ما ضربت إلا زيداً) أي: ولو حذفت هذه الفضلة لتوهم أنه لم يحصل منك ضرب أصلاً مع أن القصد نفي الضرب عن غير زيد قوله: (زيد ضربته) أي: فلو حذفت الضمير وأبقيت زيداً على الرفع لكان فيه تهيئة العامل للعمل وقطعه عن العمل وأيضاً كان فيه إعمال العامل الضعيف وهو الابتداء دون الفعل وهو ممنوع قوله: (وسيأتي شرحه) أي: شرح المانع الصناعي من هذا المثال أي في الشرط السابع والثامن من شروط الحذف. قوله: (فيما تقدم) أي: فيما إذا كان المحذوف جملة أو ركناً منها أو فضلة، ولكن كان في حذفها ضرر معنوي أو صناعي. قوله: (امتنع حذف الموصوف) أي: لعدم الدليل مع وجود الخلل المعنوي. قوله: (امتنع حذف الموصوف) أي: فهو وإن كان فضلة لكن حذفه يحصل عليه خلل معنوي إذ لو حذف رجل لم يعلم هل الأبيض من أنواع الحيوان أو الجماد أو النبات إذ الأبيض يصلح وصفاً لكل منها، فإن قلت كيف يقول ولاشتراط الدليل مع أنه لم يشترط الحذف مثل هذا دليلاً، وإنما اشترط انتفاء الضرر المعنوي أو الصناعي قلت قد سلف أن قوله ولكن يشترط أن لا يكون في حذفه ضرر معنوي في حكم الاستثناء من الأول فكأنه