حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الجهة العاشرة: أن يخرج على خلاف الأصل، أو على خلاف الظاهر، لغير مقتض

صفحة 348 - الجزء 3

  أبْيَضَ» بخلاف نحو: «رَأَيْتُ رَجُلاً كاتباً» وحَذْفُ المضاف في نحو: «جاءني غُلامُ زيد» بخلاف نحو: {وَجَاءَ رَبُّكَ}⁣[الفجر: ٢٢]، وحَذف العائد في نحو: «جاء الذي هو في الدار» بخلاف نحو: {لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ}⁣[مريم: ٦٩]، وحذف المبتدأ إذا كان ضمير الشأن، لأنَّ ما بعده جملة تامة مستغنية عنه، ومن ثم جاز حَذْفُه في باب «إِنَّ»، نحو: «إِنَّ بِكَ زَيْدٌ مَأْخُوذ»، لأنَّ عدم المنصوب دليل عليه، وحذف الجار في نحو: «رَغِبْتُ في أن تفعل» أو «عن أن تفعل»، بخلاف «عجبت من أن تفعل»؛ وأما


  قال ولا يشترط لحذفه وجدان الدليل إلا عند حصول ضرر معنوي اهـ. شمني.

  قوله: (بخلاف رأيت رجلاً كاتباً) أي: فلو حذف رجل لم يلتبس بالمرأة لأنه يقال فيها كاتبة وفيه أنه لو حذف لاحتمل أن تقدر الموصوف شخص أو إنسان وهو يصدق بالذكر والأنثى والصغير والكبير مع أن الموصوف الرجل بخصوصه إلا أن يقال إنه لا يحصل إبهام بحسب الشأن لأن العادة أن الكاتب إنما هو الرجل الصغير لا يراد غالباً أو الرجل بمعنى مطلق ذكر كحديث الحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فلأولى رجل ذكر. قوله: (وحذف المضاف نحو الخ) أي: وامتنع حذف المضاف في نحو الخ لما يترتب على حذفه من الخلل المعنوي ولا دليل عليه قوله: (في نحو جاءني غلام زيد) أي: فلو حذف غلام لم يعلم هل الجائي نفس زيد أو غلامه قوله: (وجاء ربك) أي: فإن الأصل وجاء أمر ربك فحذف المضاف والدليل عليه حالي وهو استحالة مجيء الرب. قوله: (وحذفت العائد) أي: وامتنع حذف العائد في نحو الخ لما فيه من الخلل مع عدم الدليل الدال عليه قوله: (جاء الذي هو في الدار) أي: فلو حذف العائد لم يعلم هل الصلة جملة اسمية أو هي الجار والمجرور، ولذا قال ابن مالك وأبوا أن يختزل:

  إن صلح الباقي لوصل مكمل

  قوله: (أيهم أشد) أي: لأن صلة أي يجوز فيها الحذف وإن لم يحصل استطالة. قوله: (وحذف المبتدأ) أي: وامتنع حذف الخ لوجود الخلل وعدم الدليل الذي يدل على ذلك المحذوف. قوله: (لأن ما بعده جملة تامة مستغنية عنه) أي: فلو حذف ضمير الشأن لم يعلم هل وجد هنا حذف أم لا، وذلك نحو هو زيد كريم وهي هند مليحة. قوله: (ومن ثم) أي: من أجل استغنائها عنه. قوله: (إن بك زيد مأخوذ) زيد مبتدأ ومأخوذ خبر ورفع زيد هنا وعدم وجود منصوب بعد إن دليل على أن اسم إن محذوف لأن بك متعلق بمأخوذ ولا يكون اسماً لها قوله: (وحذف الجار) أي: وامتنع حذف الجار. قوله: (في نحو رغبت في أن تفعل أو عن أن تفعل) أي: لأنه إذا حذف في لم يدر أيهما هل هو في أو: عن لاحتمال كل منهما لأن رغب يتعدى بكل منهما ولا دليل على عينه. قوله: (بخلاف عجيب الخ) أي: فيجوز حذف الجار فيه لأن عجب إنما يتعدى بمن، وأما رغب فيتعدى بفي للمرغوب فيه وبعن للمرغوب عنه، فإذا حذف الجار لا يدري عينه.