حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الجهة العاشرة: أن يخرج على خلاف الأصل، أو على خلاف الظاهر، لغير مقتض

صفحة 350 - الجزء 3

  «لَوْلَا زَيْدٌ لَكَانَ كَذَا»، يريد: لولا زيد موجود أو نحوه؛ وأمّا الأكْوَانُ الخاصة التي لا دليل عليها لو حذفت فواجبة الذكر، نحو: «لَوْلاَ زَيْدٌ سَالمَنَا مَا سَلِمَ»، ونحو قوله عليه الصلاة والسلام: «لَوْلا قَوْمُكِ حَدِيثُوا عَهْدِ بِالإِسْلامِ لَأَسَّسْتُ الْبَيْتَ عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهيمَ». وقال الجمهور: لا يجوز «لا تَدْنُ مِنَ الأسَد يَأْكُلْكَ» بالجزم، لأن الشرط المقدر إن قدر مثبتاً - أي فإِنْ تَدْنُ - لم يناسب فعل النهي الذي جعل دليلاً عليه، وإن قدر مَنْفِيًّا - أي: فلا تَدْنُ - فسد المعنى، بخلاف «لاَ تَدْنُ مِنَ الأَسَدِ تَسْلَم» فإِن الشَّرط المقدر منفي، وذلك صحيح في المعنى والصناعة؛ ولك أن تجيب عن الجمهور بأنَّ الخبر إذا كان مجهولاً وجَبَ أن يجعل نَفْس المخبر عنه عند الجميع من باب «لولا»،


  عليه دليل أم لا. قوله: (موجود) أي: ولا شك أن الوجود كون عام. قوله: (لولا زيد سالمنا ما سلم) أي: فلو قيل لولا زيد ما سلم لم يعلم سالمنا بخلاف الوجود. قوله: (وقال الجمهور) هذا كلام مستقل والمراد بالجمهور ما عدا الكسائي ولا نسب في التعبير، وقول الكسائي انه يجوز الخ أي وكان مردوداً قول الخ. قوله: (لم يناسب فعل النهي) أي: لأن النهي نفي في المعنى قوله: (ولك أن تجيب الخ) حاصله أن قول الجمهور أن بني تميم لا يثبتون خبر لا التبرئة أي مطلقاً سواءً كان كوناً عاماً أو خاصاً دل عليه دليل أم لا مسلم لأنه إذا كان عاماً أو خاصاً ودل عليه دليل يحذف أصاله، وإن كان خاصاً ولم يدل عليه دليل فلا يثبتونه على أنه خبر بل إذا أريد التعبير عن ذلك المعنى أخذ مصدر ذلك الخبر الخاص وجعل اسماً للا وأضيف لما كان اسماً لها بحسب الأصل وجعل الخبر كوناً عاماً محذوفاً على سبيل الوجوب ولا شك أنه إذا كان كذلك يصدق عليه قولهم إن خبر لا الخاص لم يثبتونه أي على أنه خبر وهذا لا ينافي إثباته لا على أنه خبر، وكذا يقال في قول الأكثرين إن خبر المبتدأ بعد لولا واجب الحذف مطلقاً هذا محصله ويرد عليه أم مقتضى هذا الجواب أنه إذا كان الخبر خاصاً ولم يدل عليه دليل لا يصح التصريح به ويكون التصريح غير عربي وهو ينافي قوله سابقاً، وقولك مبتدئاً من غير قرينة لا رجل يفعل كذا إثبات الخبر فيه إجماع فإنه يقتضي أن الإتيان بالخبر الخاص الذي لم يدل عليه على أنه خبر عربي وإن إتيان الخبر على هذه الصورة واجب وهذا محصل بحث الدماميني السابق اهـ تقرير دردير قوله: (عن الجمهور) أي: الذين عبر عنهم بالأكثرين سابقاً القائلين بأن الخبر بعد لولا واجب الحذف والذين عبر عنهم بالجماعة القائلين بأن بني تميم لا يثبتون خبر لا التبرئة.

  قوله: (بأن الخبر) أي: خبر لولا وخبر لا التبرئة قوله: (إذا كان مجهولاً) أي: بأن كان كوناً خاصاً لم يدل عليه دليل فالمحذور المذكور الحذف من غير دليل وحاصل الجواب أن المراد أنهم لا ينطقون بالخبر الخاص الذي يجهل عند حذفه بل إذا أرادوا النطق به يجعلونه نفس المخبر عنه فلا يقولون في نحو لولا زيد كريم إذا أرادوا النطق به