الرابع: أن لا يؤدي حذفه إلى اختصارِ المُخْتَصر؛ فلا يُحْذَف اسم الفعل دون معموله؛ لأنه اختصار للفعل؛ وأما قول سيبويه في «زيداً فاقتله» وفي «شَأْنَكَ والحج» وقوله [من الرجز]:

  ٨٤٣ - يَا أَيُّهَا الْمَاتِحُ، دَلْوِي دُونَكَا ... [إِنِّي رَأَيْتُ النَّاسَ يَحْمَدُونكَا]

  إن التقدير: عليك زيداً، وعليك الحج، ودونك دلوي، فقالوا: إنما أراد تفسير

  القصد لأنه إذا جاز أن يقرر معنى العامل المذكور بتوكيده بالمصدر فلأن يجوز أن يقرر معنى العامل المحذوف لدلالة قرينة عليه أحق وأولى ولو لم يكن هذا القياس كافياً في دفع ما قاله لكان في دفعه بالسماع كفاية فإنهم يحذفون عامل المؤكد حذفاً جائزاً إذا كان خبراً عن اسم عين من غير تكرير ولا حصر نحو أنت سيراً وحذفاً واجباً في مواضع نحو سقيا ورعيا وحمداً وشكراً لا كفراً فمنع هذا إما سهو عن وروده، وإما للبناء على أن المسوغ لحذف العامل فيه نية التخصيص وهو دعوى خلاف الأصل ولا يقتضيها فحوى الكلام ا وحاصل أن حذف عامل المؤكد جائز بفلا كما في أنت سيرا أي تسير سيراً وعقلاً لأن المحذوف أحوج للتأكيد ومنع ابن عقيل أن المحذوف مؤكد بالفتح كاد أن يكون مكابرة حيث قال في دفع هذا الاعتراض جميع الأمثلة المذكورة ليست من باب التأكيد لأن المصدر نائب فيها مناب العامل دال على ما يدل عليه وهو عوض منه ويدل على ذلك عدم جواز الجمع بينهما ولا شيء من المؤكدات يمتنع الجمع بينهم وبين المؤكد.

  قوله: (الرابع) أي: من شروط الحذف أن لا يؤدي حذفه أي المحذوف إلى اختصار المختصر أي حذف المختصر. قوله: (لأنه اختصار للفعل) أي: وحذفه يؤدي إلى اختصار المختصر. قوله: (أيها المائح) المائح بالتحتية هو الذي ينزل البئر ويملأ الدلوى مفعول لقلة ماء البئر، وأما بالفوقية فهو الذي يجذب الدلو على رأس البئر. قوله: (ودونك دلوي) أي: فدلوي مفعول لمحذوف دل عليه المذكور. قوله: (ودونك دلوي) أي: فظاهره أن اسم الفعل قد حذف وبقي معموله قوله: (فقالوا) يحتمل التبري منه ويحتمل أنه عزاه لانتفاء اعتماده والظاهر أنه أراد التبري بدليل أن ابن مالك عزا لسيبويه انه يجوز حذف اسم

٨٤٣ - التخريج: الرجز لجارية من بني مازن في (الدرر ٥/ ٣٠١؛ وشرح التصريح ٢/ ٢٠٠؛ والمقاصد النحوية ٤/ ٣١١؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص ١٦٥؛ والأشباه والنظائر ١/ ٣٤٤؛ والإنصاف ص ٢٢٨؛ وأوضح المسالك ٤/ ٨٨؛ وجمهرة اللغة ص ٥٧٤؛ وخزانة الأدب ٦/ ٢٠٠، ٢٠١، ٢٠٦؛ وذيل السمط ١١؛ وشرح الأشموني ٢/ ٤٩١؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ٥٣٢؛ وشرح عمدة الحافظ ٧٣٩؛ وشرح المفصل ١/ ١١٧؛ ولسان العرب ٢/ ٦٠٩ (ميح)؛ ومعجم ما استعجم ص ٤١٦؛ والمقرب ١/ ١٣٧؛ وهمع الهوامع ٢/ ١٠٥).

اللغة والمعنى: الماتح: النازل إلى البئر ليملأ الدلو منها مغترفاً دونكا: اسم فعل بمعنى «خذ». يقول: يا أيها المستقي من البئر خذ دلوي واستق منها.