الثالث: أن لا يكون مؤكدا
  وهو الإلحاق بـ «احْرَنْجَمَ»؛ وتبعهم ابن مالك فقال: لا يجوز حذف عامل المصدر المؤكد كـ «ضَرَبْتُ ضرباً» لأن المقصود به تقوية عامله وتقرير معناه، والمحذوف مُنافٍ لذلك؛ وهؤلاء كلهم مخالفون للخليل وسيبويه أيضاً، سأل الخليل عن نحو: «مَرَرْتُ بزيدٍ وأَتاني أخوه أنْفُسُهُمَا»: كيف ينطق بالتوكيد؟ أجابه بأنه يرفع بتقدير: هما صَاحِباي أنْفُسُهما؛ وينصب بتقدير: أغنيهما أنفُسَهما؛ ووافَقَهُما على ذلك جماعة، واستدلوا بقول العرب [من المنسرح]:
  إِنَّ مَحَلاً وإِنَّ مُرْتَحَلاً ... [وَإِنَّ فِي السَّفْرِ إِذْ مَضَوْا مَهَلَا]
  و «إِنَّ مَالاً وإِنَّ وَلَدا» فحذفوا الخبر مع أنه مؤكد بـ «إِنَّ»، وفيه نظر؛ فإن المؤكَّد نسبة الخبر إلى الاسم، لا نفس الخبر؛ وقال الصفار: إنما فرَّ الأخفش من حذفِ العائد في نحو: «الذي رأيته نفسه زيد» لأن المقتضي للحذف الطول، ولهذا لا يُحذف في نحو: «الذي هو قائم زيد»، فإذا فروا من الطول فكيف يؤكدون؟ وأما حَذْفُ الشيء لدليل وتوكيده فلا تنافي بينهما، لأن المحذوف لدليل كالثابت، ولبدر الدين بن مالك مع والده في المسألة بحث أَجادَ فيه.
  الثاني إلحاقه باحر نجم اهـ تقرير دردير قوله: (وسيبويه أيضاً) أي: من حيث إنه رضي بجواب الخليل، ولما كان الجواب للخليل قال في الثاني أيضاً. قوله: (ووافقهما) أي: وافق الخليل وسيبويه وقوله على ذلك أي على توكيد المحذوف قوله: (وفيه نظر) أي: في استدلالهم على تأكيد المحذوف بما ذكر نظر. قوله: (فإن المؤكد) أي: فيما ذكر من قول العرب إن محلاً وإن مرتحلاً وما بعده قوله: (وقال الصفار) أي: في شرح كتاب سيبويه قوله: (لأن المقتضي للحذف) أي: حذف العائد الطول أي طول الصلة بذكر المفعول. قوله: (ولهذا) أي: لكون المقتضي للحذف الطول لا يحذف في نحو الذي الخ لعدم الطول بذكر ما هو زائد على ركني الجملة قوله: (فإذا فروا من الطول) أي: بحذف الضمير فكيف يأتون بتوكيد أطول من الضمير.
  قوله: (وأما حذف الشيء الخ) هذا مرتبط بقوله الثالث أن لا يكون المحذوف مؤكداً وكأنه قال وهذا عند عدم الدليل الدال على ذلك المحذوف وأما الخ. قوله: (مع والده) أي: جمال الدين صاحب الألفية والتسهيل. قوله: (بحث) قال بدر الدين في شرح الألفية والذي ذكره الشيخ يعني والده في هذا الكتاب يعني الألفية وفي غيره أن المصدر المؤكد لا يجوز حذف عامله قال لأن المصدر المؤكد يقصد به تقوية عامله وتقرير معناه وحذفه منافٍ لذلك فلم يجز إن أراد أن المصدر المؤكد يقصد به عامله وتقرير معناه دائماً فلا شك أن حذفه منافٍ لذلك القصد ولكنه ممنوع ولا دليل عليه وإن أراد المؤكد قد يقصد به التقرير والتقوية وقد يقصد به مجرد التقرير فمسلم ولكن لا نسلم أن الحذف منافٍ لذلك