حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

والثالث كقوله تعالى: {واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا

صفحة 379 - الجزء 3

  «زَيْداً أهن أخاه» قدرت: «أهن».

  والثاني نحو: «زيداً امْرُز به» تقدّر فيه «جَاوِزْ» دون «أمْرُز»، لأنه لا يتعدى بنفسه؛ نَعَمْ، إن كان العامل مما يَتَعَدَّى تارةً بنفسه وتارة بالجار نحو «نصح» في قولك: «زيدا نَصَحْت له» جاز أن يقدّر: نصحت زيداً؛ بل هي أولى من تقدير غير الملفوظ به.

  ومما لا يقدر فيه مثلُ المذكور لمانع صناعي قوله [من الرجز]:

  يا أَيُّهَا الْمَائِحُ دَلْوِي دُونَكَاً ... [إِنِّي رَأَيْتُ النَّاسَ يَحْمَدُونَكا]

  إذا قدر «دلوي» منصوباً فالمقدّر: خُذ، لا دُونَكَ، وقد مضى، وقوله [من الطويل]:

  ٨٥٢ - [أَكَر وأحمى للْحَقِيقَةِ مِنْهُمْ] ... وَأَضْرَبَ مِنَا بِالسُّيُوفِ الْقَوَانِسَا


  أي: لأن القصد الأمر بإهانة زيد لا ضربه قوله: (قدرت أهن) أي: لأن إهانة زيد إهانة للأخ. قوله: (والثاني) أي: ما إذا كان المانع من تقدير مثل المذكور الصناعة. قوله: (أن يقدر نصحت زيداً) أي: فالمعنى نصحت زيداً نصحت له قوله: (أولى من تقدير غير الملفوظ) وهو أرشدت أي إنك لا تقدر أرشدت زيداً نصحت له لأن الإرشاد معناه النصح لكن ليس من اللفظ المذكور. قوله: (وقد مضى) أي: بأنه لا يجوز حذف اسم الفعل وإبقاء عمله لأنه يلزم على الحذف اختصار المختصر ولا يجوز أن يكون دلوي معمولاً لدونك المذكور لأن اسم الفعل لا يتقدم معموله عليه. قوله: (وأضرب منا الخ) القوانس جمع قونس يطلق على بيضة الحديد وعلى عظم بين أذني الفرس قال أبو عبيدة في كتاب أيام العرب غزت بنو سليم ورئيسهم عباس بن مرداس السلمي مراداً فجمع له عمرو بن معد يكرب فاقتتلوا قتالاً شديداً حتى كره كل واحد منهما صاحبه فقال عباس بن مرداس معلقته ومنها:

  فدعها ولكن هل أتاها مغارنا ... لأعدائنا نرجو الثقال الكوانسا


٨٥٢ - التخريج: البيت لعباس بن مرداس في (ديوانه ص ٦٩؛ والأصمعيات ص ٢٠٥؛ وحماسة البحتري ص ٤٨؛ وخزانة الأدب ٨/ ٣١٩، ٣٢١؛ وشرح التصريح ١/ ٣٣٩؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ٤٤١، ١٧٠٠؛ ولسان العرب ٦/ ١٨٤ (قنس)؛ ونوادر أبي زيد ص ٥٩؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ١/ ٣٣٤، ٤/ ٧٩؛ وأمالي ابن الحاجب ١/ ٤٦٠؛ وشرح الأشموني ١/ ٢٩١).

اللغة: قوانس: ج قونس، مقدمة الرأس.

المعنى: لم أر أكثر منهم حماية للحقيقة، ولم أر مثل كرمهم ولكن كنا أفضل منهم بضربنا مقدمات الرؤوس بسيوفنا.