تنبيه - الخلاف إنما هو عند التردد
  في نحو: «إِنْ أَكَلْتِ إِنْ شَرِبْتِ فَأَنْتِ طَالِق»، وفي {فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ ٨٨ فَرَوْحٌ}[الواقعة: ٨٨ - ٨٩]، ونحو: {وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ}[الفتح: ٢٥]، ثم قال تعالى: {لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا}[الفتح: ٢٥]، وانبنى على ذلك في المثال أنها لا تطلق حتى تؤخر المقدم وتقدم المؤخّر، إذ التقدير: إن أكلت فأنت طالق إن شربتِ؛ وجواب الثاني في هذا الكلام من حيث المعنى هو الشرط الأول وجوابه؛ كما أن الجواب من حيث المعنى في «أنتَ ظالم إن فعلت» ما تقدم على اسم الشرط، بل قال جماعة: إنه الجواب في الصناعة أيضاً.
  ومن ذلك قوله [من الطويل]:
  [فَمَن يَكُ أَمْسَى بِالْمَدِينَةِ رَحْلُهُ] ... فإِنِّي وَقَيَّار بِهَا لَغَرِيبُ
  وقد تكلف بعضهم في البيت الأول، فزعم أن «نحن» للمعظم نفسه، وأنّ
  جواب الأول لدخل الفاء على الشرط الثاني ولا فاء فامتنع كونه مع الجواب المتأخر جواباً. قوله: (وفي فأما الخ) المقصود التنظير في مطلق أن الحذف من الثاني لأن أن الأول وجوابه جواب الثاني. قوله: (فروح) جواب أما لا جواب إن لأن أما أسبق. قوله: (ولولا رجال مؤمنون الخ) هذا يقتضي أن يكون لعذبنا جواباً للولا ولولا وجوابها دليلاً على جواب لو المحذوف على قاعدة توالي الشرطين وهذا مشكل في هذا، والظاهر أن هذا ليس من ذلك القبيل فيجعل جواب لولا محذوفاً أي لولا كراهة أن تهلكوا أناساً مؤمنين بين ظهراني المشركين وأنتم غير عارفين بهم فيصيبكم باهلاكهم مكروه ومشقة لما كف أيديكم عنهم فحذف جواب لولا لدلالة الكلام عليه وفي «الكشاف» يحتمل أن لو تزيلوا أي تميزوا من الاختلاط كالتأكيد لما قبله وحينئذ فلا يطلب جواباً إذ ما لهما واحد، فقوله لعذبنا جواب لولا وإنما كان مالهما واحد وإن كانت لو تدل على امتناع الشيء لوجود غيره ولو تدل على امتناع الشيء لامتناع غيره لأن لو دخلت هنا على وجود معناه العدم إذ التزيل معناه المفارقة فصار معناه ثبوتاً اهـ، ومن هذا تعلم ان قول البوصيري إن لم يكن في معادي البيت ليس من توارد شرطين إذ قوله وإلا تأكيد لما قبله، وقد زعم ذلك الرضى في نحو يا زيد زيد اليعملات، فقال الثاني غير مضاف كما أن الفعل المؤكد لا فاعل له.
  قوله: (لعذبنا) أي: فهو جواب لولا، وأما جواب لو فهو محذوف لدلالة جواب لولا عليه وليس لولا وجوابها دليلاً للجواب لو لعدم استقامة الكلام فهو من الحذف الثاني لدلالة الأول. قوله: (على ذلك) أي: على الحذف من الثاني. قوله: (على اسم الشرط) الأولى على أداة الشرط لأن المذكور حرف لا اسم قوله: (لغريب) خبر إني لا خبر عن قيار لأن خبر المبتدأ لا يقترن باللام.