حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

حذف المضاف إليه

صفحة 395 - الجزء 3

حذف المضاف إليه

  يكثر في ياء المتكلم مضافاً إليها المنادى نحو: {رَبِّ اغْفِرْ لِي}⁣[الأعراف: ١٥١]، وفي الغايات نحو: {لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ}⁣[الروم: ٤]، أي: من قبل الغلب ومن بعده؛ وفي «أي» و «كُلِّ» و «بغض»، و «غير» بعد «لَيْسَ»، وربَّما جاء في غيرهن، نحو: {فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ}⁣[البقرة: ٣٨، المائدة: ٦٩] فيمن ضمّ ولم ينون، أي: فلا خوف شيء عليهم؛ وسُمِع: «سَلامُ عَلَيْكُمْ» فيحتمل ذلك، أي: سلام الله، أو إضمار «أل».

حذف اسمين مضافين

  {فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ٣٢}⁣[الحج: ٣٢] أي: فإن تعظيمها من أفعال ذوي تقوى


  قوله: (رب) الأصل يا ربي. قوله: (الغايات الخ) إنما سميت بذلك لأنها تصير غاية وآخراً عند الحذف وتبنى عند ملاحظة المعنى قوله: (وفي أي الخ) نحو يعجبني أي قائم وكلا وعد الله الحسنى وفضلنا بعضهم على بعض وقبضت عشرة ليس غير قوله: (فلا خوف) لا نافية لا عمل لها مثلها في قراءة من نون.

  قوله: (فيحتمل ذلك الخ) قال الدماميني لا وجه لتفريق المصنف بين الاثنين حيث جزم في الأولى بتخريج واحد وجعل الثانية محتملة للتخريج على أمرين مع أن الأولى كذلك إذ يحتمل أن يقدر فلا الخوف عليهم.

  قوله: (فإنها) أي: شعائر الله قوله: (من أفعال ذوي تقوى القلوب) الشاهد في الحذف من الثاني وهو حذف أفعال وذوي وهذا التقدير قدره الزمخشري حيث تكلم على الآية قال فحذفت هذه المضافات ولا يستقيم المعنى إلا بها لأنه لا بد من راجع من الجزاء إلى من ليرتبط به واعترضه أبو حيان بأن ما قدره عار من راجع من الجزاء إلى ألا ألا ترى من إن قوله فإن تعظيمها من أفعال ذوي تقوى القلوب ليس في شيء منه ضمير يعود إلى من يربط جملة الجزاء بجملة الشرط الذي أداته من فالأولى أن يكون التقدير، فإن تعظيمها منه من تقوى الخ، فيكون ضمير منه عائداً على من فيرتبط الجزاء بالشرط هذا كلامه؛ قلت: الذي يظهر لي أن في تقدير الزمخشري إشارة إلى الراجع من جهة ان المصدر من قوله، فإن تعظيمها مضاف إلى المفعول ولا بد له من فاعل وإن لم يلزم ذكره وليس إلا ضميراً يعود إلى من والتقدير فإن تعظيمه إياها فالرابط ضمير غايته أنه حذف لفهم المعنى، وأضيف المصدر للمفعول فلزم الإتيان متصلاً وهذا لا خرج فيه، وبعد هذا كله فالظاهر أن من الجارة تعليلية لا تبعيضية أي فإن تعظيمها لأجل تقوى القلوب أو لابتداء الغاية أي أن تعظيمها ناشيء من تقوى القلوب وعليهما فلا يحتاج إلى تقدير المضافين المذكورين، فإن قلت فلم جمع القلوب وأفرد الضمير قلت حملاً على معنى من ولفظها اهـ دماميني.