حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

حذف «ما» المصدرية

صفحة 427 - الجزء 3

  لِشَيْءٍ}⁣[الكهف: ٢٣] الآية: لا يتعلق الاستثناء بفاعل، إذ لم يَنْهَ عن أن يصل إلا أن يشاء الله بقوله ذلك، ولا بالنهي، لأنك إذا قلت أنت مَنْهِي عن أَنْ تقوم إلا أن يشاء الله فلست بمنهي؛ فقد سلطته على أن يقوم ويقول: شاء الله ذلك؛ وتأويل ذلك أن الأصل إلا قائلاً إلا أن يشاء الله، وحذف القول كثير، اهـ. فتضمن كلامه حذف أداة الاستثناء والمستثنى جميعاً؛ والصَّوابُ أن الاستثناء مُفَرَّغ، وأن المستثنى مصدر أو حال، أي: إلا قَوْلاً مصحوباً بأنّ يشاء الله، أو إلا متلبساً بأن يشاء الله؛ وقد علم أنه لا يكون القولُ مَصحوباً بذلك إلا مع حرفِ الاستثناء، فطَوَى ذكره لذلك؛ وعليهما فالباء


  المصنف فإن مراده حذف أداة الاستثناء وحدها اهـ كلامه ولك أن تقول أنه قد صرح في مبحث الآية بحذف المجموع تأمل قوله: (لا يتعلق الاستثناء بفاعل) أي: لأن المعنى لا تقولن لشيء إني فاعل إلا أن يشاء الله أي بل قل إني فاعل ذلك بدون إلا أن يشاء الله وهو لا يصح. قوله: (ولا بالنهي) أي: المنهي عنه لأن المعنى لا تقل إني فاعل ذلك الخ ما لم يشاء الله ذلك الأمر فلك القول، وحينئذ فلا يكون المخاطب منهياً عن شيء لأنه يمكن أن يقول إني أفعل ذلك ويدعي أن الله شاء ذلك الأمر. قوله: (إلا أن يشاء الله) أي: القيام وقوله فلست بمنهي أي فلا تنه عنه. قوله: (فقد سلطته الخ) أي: لأن له أن يقوم ويدعي أن الله شاء القيام قوله: (ويقول) أي: إذا صدر منه ذلك ولمته.

  قوله: (وحذف القول كثير) أي: فحذف قائلاً لذلك فبقي إلا إلا أن يشاء الله فحذف أولى أداتي الاستثناء فبقي إلا أن يشاء الله فتكون الآية على هذا من حذف أداة الاستثناء وحدها لكن بعد حذف المستثنى الذي هو قول لا حرج في حذفه. قوله: (فتضمن كلامه) هذا اعتراض على السهيلي بأنه قرر الآية من حذف الأداة وحدها بما تضمن أنها من حذف الأداة والمستثنى جميعاً. قوله: (حذف أداة الاستثناء) أي: فالمحذوف هما معاً لا حذف الأداة التي الكلام فيها، وحينئذٍ فالذي تحصل أن حذف الأداة لم يقل به أحد وقول المصنف فتضمن الخ اعتراض على السهيلي الذي جعل هذا إشارة إلى حذف الأداة وحدها مع أن المتحصل منه حذفهما معاً. قوله: (والصواب الخ) مفاده أن كلام السهيلي ليس فيه الاستثناء مفرغاً وليس صواباً مع أنه أيضاً مفرغ وصواب تأمل. قوله: (وإن المستثنى مصدراً وحال) أي وحذف هذا المستثنى لوجود ما يدل عليه وهو إن شاء الله لأن معناه إلا بأن يشاء الله. قوله: (إلا قولاً مصحوباً الخ) إشارة إلى جعله مصدراً. قوله: (ملتبساً) إشارة إلى جعله حالاً أي أو إلا حال كونك ملتبساً الخ. قوله: (مصحوباً بذلك) أي: بأن يشاء الله وقوله إلا مع حرف الاستثناء أي مقروناً به أي بأن تقول أنا أفعل ذلك أو إن يشاء الله، وقوله وطوي ذكره أي ذكر أداة الاستثناء وقوله لذلك أي العلم، وحينئذ فالمحذوف إنما هو أداة الاستثناء وقوله وقد علم أي من خارج.

  قوله: (مصحوباً بذلك) يعني بأن يشاء الله مع حرف الاستثناء أي داخلاً على أن يشاء