حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

حذف لام الطلب

صفحة 432 - الجزء 3

  «أصبحْ ليل» وقوله [من الطويل]:

  ٨٧٩ - [إِذَا هَمَلَتْ عَيْنِي لَهَا قَالَ صَاحِبي]: ... بِمِثلِكَ هَذَا لَوْعَةٌ وَغَرَامُ

  ولحن بعضُهم المتنبي في قوله [من الكامل]:


  على أصل التنكير ألا ترى أن لام التعريف لا تحذف من المعرف بها، وحرف النداء أولى منها بعدم الحذف إذ هو مفيد مع التعريف التنبيه والخطاب.

  فإن قيل: يجوز حذف حرف النداء من أي نحو أيها الثقلان وهو جنس متعرف بالنداء.

  والجواب: أن المقصود بالنداء هو وصف أي كما تقرر وهو معرف قبل النداء باللام فجاز حذفه لذلك، وأما اسم الإشارة فإنه موضوع لما يشار به للمخاطب إلى شيء وبين كون الاسم مشاراً إليه وكونه منادى أي مخاطباً تنافر، ظاهر، فلما أخرج في النداء عن ذلك الأصل وجعل مخاطباً احتيج إلى علامة ظاهرة تدل على تغييره وجعله مخاطباً وهي حرف النداء ثم إن تقييد المصنف شذوذ حذف حرف النداء بما ذكره من اسم الجنس والإشارة ظاهر في أن حذفه من منادى غيرهما ليس شاذاً فيرد عليه كلمة الله فإنه لا يحذف حرف النداء منها إلا مع تعويض الميم المشددة في الآخر، وذلك لأن حق ما فيه اللام أن يتوصل إلى ندائه بأي أو باسم الإشارة، فلما حذفت الوصلة مع هذه الكلمة لكثرة ندائها لم يحذف الحرف لئلا يكون إجحافاً! دماميني قوله: (أصبح ليل) معناه يا ليل ادخل في الصباح وصر صبحاً قالته أم جندب زوجة امرئ القيس تبرماً به وكان مفركاً أي تبغضه النساء، ويقال إنه سألها عن سبب تفريك النساء له فقالت له إنك ثقيل الصدر خفيف العجز سريع الإراقة بطيء الإفاقة. قوله: (بمثلك الخ) صدره:

  إذا هملت عيـ لها قال صاحبي

  وهو لذي الرمة وأول القصيدة:

  عليكن يا أطلال مي بشارع ... على ما مضى من عهدكن سلام

  ولا زال نوء الدلو ينعق ودقه ... بكن ومن نوء السماك غمامُ

  قوله: (هذا لوعة) أي: يا هذا ولوعة مبتدأ وبمثلك خبر. قوله: (ولحن الخ) قد يقال إن المتنبي كوفي وهم يجيزون حذف حرف النداء من اسم الإشارة.


٨٧٩ - التخريج: البيت لذي الرمة في (ديوانه ص ١٥٩٢؛ والدرر ٣/ ٢٤؛ وشرح التصريح ٢/ ١٦٥؛ وشرح عمدة الحافظ ص ٢٩٧؛ والمقاصد النحوية ٤/ ٢٣٥؛ وهمع الهوامع ١/ ١٧٤؛ وبلا نسبة في شرح الأشموني ٢/ ٤٤٣).

شرح المفردات: هملت عيني: فاض دمعها. اللوعة: حرقة القلب.

المعنى: يقول: إذا فاضت عيني بالدموع قال لي صاحبي إنّ هذا الأمر لا يكون إلا نتيجة حرقة فؤاد وغرام شديدين.