[في التحذير من أمور اشتهرت بين المعربين والصواب خلافها]
  مما قالوه أن يُقال، إذا أُريد تفسيرُها من حيث هي: ظرف مستقبل خافض لشرطه منصوب بجوابه صالح لغير ذلك.
  والثانية: أن العبارة التي تلقى للمتدربين يُطلب فيها الإيجاز لتخف على الألسنة؛ إذ الحاجة داعية إلى تكرارها، وكان أخصر من قولهم لما يُسْتَقبل من الزمان أن يقولوا: مُسْتَقبل.
  والثالثة: أن المراد أنها ظرف موضوع للمستقبل، والعبارة مُوهِمة أنها محلّ للمستقبل، كما تقول: اليوم ظرف للسفر؛ فإن الزمان قد يُجعل ظرفاً للزَّمان مجازاً كما تقول: كتبته في يوم الخميس في عام كذا فإنَّ الثاني حال من الأول، فهو ظرف له على الاتساع، ولا يكون بدلاً منه؛ إذ لا يبدل الأكثر من الأقل على الأصح، ولو قالوا: «ظرف مستقبل» لسَلِموا من الإسهاب والإيهام المذكورين.
  والرابعة: أن قولهم: «غالباً» راجع إلى قولهم: «فيه معنى الشرط» كذا يُفَسِّرونه، وذلك يقتضي أنَّ كونه ظرفاً وكونَهُ للزَّمان وكَوْنَه للمستقبل لا يتخلفن، وقد بينا في
  المذكورة. قوله: (وأحسن مما قالوه) أي: من جهة أن هذه العبارة ليست موهمة لخلاف المراد بخلاف عبارتهم ومن جهة إفادة هذه أن إذا صالحة لتضمن معنى الشرط، وليست متضمنة لمعناه بالفعل كما هو ظاهر عبارتهم، فإنها في بعض المواضع متضمنة لمعنى الشرط وفي بعضها غير متضمنة لذلك.
  قوله: (من حيث هي) أي: من حيث ذاتها بقطع النظر عما تقع فيه من المواضع. قوله: (ظرف مستقبل) أي: وأما ظرف لما يستقبل فهو موهم خلاف المراد لإفادته أن إذا ظرف للظرف؛ لأن ما يستقبل من الزمان ظرف وقوله ظرف خبر لمحذوف، أي: هي ظرف والجملة مقول القول. قوله: (منصوب بجوابه) هذا بناءً على ما للمجهول الذي اختاره هو أنها منصوبة بالشرط. قوله: (صالح لغير ذلك) أي: كتضمنها لمعنى الشرط. قوله: (فإن الزمان الخ) علة لقوله موهمة قوله: (فإن الثاني حال من الأول) أي: لأن المعنى حالة كون يوم الخميس مظروفاً في عام كذا وقوله فهو أي: الثاني ظرف له أي: للأول وقوله: على الاتساع، أي التجوز أي: أن الظرفية مجازية لا حقيقية؛ لأنها لا بد فيها من كون الظرف له احتواء والمظروف له تحيز. قوله: (ولا يكون) أي: الثاني بدلاً منه أي: من الأول. قوله: (على الأصح) أي: خلافاً لمن أجاز إبدال الكل من البعض وجعل منه قوله:
  رحم الله أعظما دفنوها ... بسجستان طلحة الطلحات
  فجعل طلحة بدلاً من أعظم بدل كل من بعض قوله: (الإسهاب) أي: التطويل. قوله: (وكونه للزمان) أي: موضوعاً للزمان.