والحادي عشر: قولهم في نحو قوله تعالى: {فانكحوا
  وآية سورة فاطر، وقال: أي: منهم جماعة ذوو جناحين جناحين، وجماعة ذوو ثلاثة ثلاثة، وجماعة ذوو أربعة أربعة؛ فكل جنس مفرد بعدد، وقال الشاعر [من الطويل]:
  ٨٩٤ - وَلَكِنَّمَا أَهْلِي بِوَادٍ أَنيسُهُ ... ذِنَابٌ تَبَغَى النَّاسَ مَثْنَى وَمَوْحَدُ
  ولم يقولوا: «ثلاث» و «خُمَاس» ويريدون: «ثمانية»، كما قال تعالى: {ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ}[البقرة: ١٩٦]، وللجهل بمواقع هذه الألفاظ استعملها المتنبي في غير موضع التقسيم، فقال [من الوافر]:
  الجمع والضم حتى تكون الآية مفيدة لجواز تزوج تسعة كما هو شبهة القائل، ويحتاج للجواب عنه بأن الواو بمعنى أو فكلام أبي طاهر أفاد أنه لا حاجة لجعل الواو بمعنى أو. قوله: (وآية سورة فاطر) وهي أولى أجنحة مثنى وثلاث ورباع وقوله: وقال أي: أبو طاهر في معنى آية فاطر.
  قوله: (تبغي) أي: تتبغى أي: تتطلب الناس وقوله مثنى وموحد حال من ذئب(١) بمعنى سباع ولك جعلها خبرين لمحذوف أي بعضها مثنى وبعضها موحد أي: أن هذه الذئاب تتطلب الناس حال كون بعضها اثنين اثنين وبعضها يتطلب الناس حال كونه واحداً واحداً. قوله: (ويريدون ثمانية) أي: بحيث يريدون الضم أي: وإنما يريدون قسم كذا وقسم كذا وذلك لأن العدد هنا معدول فلا يراد فيه الضم بخلاف غير المعدول كما في الآيتين الأوليين، فإنه يراد فيه الضم والحاصل أن الأعداد المعدولة إنما تستعمل في موضع لم يرد فيه ضم الأعداد بعضها لبعض وإنما يراد فيه الانفراد والتقسيم بخلاف غير المعدولة قوله (ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم) أي: فالقصد الضم؛ لأن العدد أصلي. قوله: (بمواقع هذه الألفاظ) يعني: الألفاظ المعدولة قوله: (في غير موضع التقسيم) أي: بل استعملها في موضع الشك وطلب التعيين بناء على أن أم متصلة؛ لأن
٨٩٤ - التخريج: البيت لساعدة بن جؤية الهذلي في (جمهرة اللغة ص ٧٢٧ وشرح أبيات سيبويه ٢/ ٢٣٥؛ وشرح أشعار الهذليين ٣/ ١١٦٥ - ١١٦٦؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٩٤٢؛ والكتاب ٣/ ٢٢٥، ٢٢٦؛ والمقاصد النحوية ٤/ ٣٥٠؛ وبلا نسبة في أدب الكاتب ص ٥٦٧؛ والجنى الداني ص ٦١٩؛ وشرح المفصل ١/ ٦٢، ٨/ ٥٧؛ واللمع ص ٢٣٨؛ وما ينصرف وما لا ينصرف ص ٤٤؛ والمقتضب ٣/ ٣٨١).
اللغة: أنيسه: ساكنه، وجليسه ورفيقه. تبغي: تبتغي.
المعنى: إن ما يزيد في حزني، أني فقدت ولدي، وكان بعيداً بواد مليء بالذئاب المفترسة للبشر، وهم يغيتها إن كانت مفردة، أو مجتمعة.
(١) قوله حال من ذئاب لتخصيص ذئاب بما بعده، لكن لا يظهر إلا إن كان موحد منصوباً وليس كذلك بدليل قوله ولك إلخ فالمناسب جعلهما صفتين فإن قدر لهما مبتدأ فالمقرر أن الجمل بعد النكرات صفات اهـ.