حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

وهي كثيرة، والذي يحضرني الآن منها عشرون موضعا

صفحة 464 - الجزء 3

  أحاد أم ساس في أَحَادِ ... لُيَيْلَتُنَا الْمَنُوطَةُ بِالتَنَادي

  وقال الزمخشري: فإن قلت: الذي أطلق للناكح في الجمع أن يجمع بين اثنين أو ثلاث أو أربع، فما معنى التَّكرير في مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ؟ قلت: الخطاب للجميع، فوجب التكرير ليُصيب كلّ ناكح يريد الجمع ما أراده من العدد الذي أُطلق له؛ كما تقول للجماعة: اقتسموا هذا المال درهمين درهمين، وثلاثة ثلاثة، وأربعة أربعة، ولو


  المعنى أحاد أم أسداس أي: أو واحدة أم. ست في وحدة ليلة فراق⁣(⁣١) الأحبة وفي مقام الإخبار المجرد عن التقسيم بناءً على أنها منقطعة؛ لأن المعنى ليلة فراقنا الأحبة ليلة واحدة، ثم شك فيها لطولها فأضرب عن ذلك وأخبر أنها. ست ليال في ليلة واحدة قوله: (أحاد الخ) أي: إن قدرت أن أم متصلة فالمعنى أنه استطال الليلة، فشك أواحدة هي أم ست اجتمعت في واحدة فطلب التعيين وهذا من تجاهل العارف وعلى هذا فقد حذف الهمزة قبل أحاد، ويكون تقديم الخبر وهو أحاد على المبتدأ وهو لييلتنا تقويماً واجباً لكونه المقصود بالاستفهام مع سداس؛ لأن شرط الهمزة المعادلة لأم أن يليها أحد الأمرين المطلوب تعين أحدهما ويلي أم المعادل الآخر ليفهم السامع من أول الأمر الشيء المطلوب تعيينه وأن قدرتها منقطعة فالمعنى أنه أخبر بحسب جزمه عن ليلته بأنها ليلة واحدة ثم نظر إلى طولها فشك فجزم بعد الشك بأنها ست في ليلة فأضرب إضراباً مجرداً عن استفهام أو أنه لما نظر لطولها شك هل هي ست في ليلة أم لا، واستمر على شكه فأضرب واستفهم وعلى الانقطاع بوجهيه فلا همزة مقدرة قبل أحاد؛ لأن الكلام خبر محض ويكون تقديم الخبر وهو أحاد على المبتدأ وهو لييلتنا ليس على الوجوب وأظهر الوجهين الاتصال لأمور ذكرها المصنف في الكلام على هذا البيت في مبحث أم. قوله: (المنوطة) أي: المتعلقة بيوم التنادي أي: يوم الوصل لتنادي الأحبة فيه قوله: (الذي أطلق) أي: أبيح قوله: (في الجمع) أي: في حالة جمعه. قوله: (أو أربع) أي: لا أزيد من ذلك وحينئذ معنى التكرير، أي: لأن مثنى معناه اثنين اثنين وثلاث ورباع معناه ثلاثة ثلاثة وأربعة أربعة قوله: (قلت الخ) حاصل الجواب أنه لا يتأتى الاعتراض إلا لو كان المخاطب واحد أو الأمر ليس كذلك بل الخطاب لما كان لمتعدد ناسب التكرار في كل نوع؛ لأن المختار لكل نوع متعدد فناسب تعدد كل نوع لأجل أن يصيب كل واحد من الناس الناكحين المريد للجمع العدد الذي أراده من أي نوع من هذه الأنواع الثلاثة، ولو أفرد وقال اثنين وثلاثة وأربعة لأعرب اثنين حالاً من النساء وذلك لا يصح؛ لأن المعنى على الضم فيفيد أن النساء اللاتي في الدنيا تسعة هذا إذا لاحظت النساء مجردات عن النكاح، فإن لاحظت نكاحهن أفاد جواز نكاح التسعة كما أن إعراب اثنين مفعولاً لمحذوف مفيد لجواز الجمع بين التسعة وهو باطل، وأما التكرير فلا يفيد شيئاً. من هذا الفساد؛ لأنه يعرب مثنى حالاً تأمل اهـ تقرير دردير. قوله: (ما أراده) مفعول يصيب وقوله: الذي أطلق أي: أبيح له قوله: (اقتسموا هذا المال) أي: أقساماً


(١) قوله: ليلة فراق إلخ المتبادر منه أنه تفسير للتنادي مع أنه سيفسره بالوصل والمعنى عليه اهـ.