· (أما) بالفتح والتخفيف
  فائدة «أَمَّا» في الكلام أن تُعْطِيه فَضْلَ توكيد، تقول: «زَيْدٌ ذَاهِبٌ»، فإذا قَصَدْتَ توكيد ذلك وأنه لا محالة ذاهب، وأنه بِصَدَد الذهاب، وأنه منه عزيمة قلت «أمَّا زَيْد فَذْهِبْ»، ولذلك قال سيبويه في تفسيره: مهما يكن من شيء فزيد ذاهب، وهذا التفسير مُذلِ بفائدتين: بيان كونه توكيداً، وأنه في معنى الشرط، انتهى.
  ويفصل بين «أما» وبين الفاء بواحد من أمور ستة:
  أحدها: المبتدأ كالآيات السابقة.
  والثاني: الخَبَرُ، نحو «أَمَّا في الدار فزيد»، وزعم الصفار أن الفصل به قليل.
  قوله: (أن تعطيه فضل توكيد) الإضافة بيانية أو من إضافة الصفة للموصوف أي توكيداً فاضلاً وزائداً على المعنى المراد قوله: (تقول) أي: إذا أردت الإخبار بالذهاب. قوله: (وإنه لا محالة ذاهب) تفسير لما قبله. قوله: (وإنه) أي: زيداً بصدد الذهاب أي بقربه. قوله: (وإنه) أي: الذهاب منه أي من زيد عزيمة أي معزم عليه ومصمم به. قوله: (ولذا) أي: لأجل إفادة أما التوكيد قوله: (ولذا قال سيبويه في تفسيره) التركيب السابق أي قاصداً بيان حاصل معناه لا إن الحرف مرادف للاسم والفعل. قوله: (وهذا التفسير مدل) أي: محضر والمراد مشعر بفائدتين. قوله: (بيان كونه) أي: كون إما توكيداً أي مفيد للتوكيد. قوله: (توكيداً) أي: مفيدة له تحقيقاً بسبب التعليق على محقق ولذا قالوا في بعد الواقعة في الخطب جعلها من متعلقات الجزاء أولى ليكون الشرط مطلقاً وهو أنسب بغرض التأكيد لكونه أوسع تحققاً؛ ولأنه لا داعي لتقييد الشرط ببعدية البسملة والحمدلة بخلاف الجزاء فيحمل على تقييده امتثال الحديث.
  قوله: (وإنه في معنى الشروط) لكن ليس على أصل الشروط من وقوع الجزاء في حالة دون حالة بل هو واقع ولا محالة. قوله: (وأنه في معنى الشرط) أي: لأن المعنى مهما يكن وليس مراده أن إما مرادفة لمهما ويكن لأن إما حرف ولا يكون معناه معنى الاسم والفعل بل مراده أن إما نابت عن مهما ويكن عند حذفهما اهـ. تقرير دردير. قوله: (انتهى) أي كلام الزمخشري قوله: (ويفصل بين إما الخ) اعلم أن العرب التزموا حذف الشرط هنا لأجل أن يجري الكلام على وتيرة واحدة بحيث تقول دائماً: أما زيد فذاهب ولا تقول تارة مهما يوجد شيء أو يكون أو يثبت أو غير ذلك كما حذفوا متعلق الظرف إذا وقع خبراً ثم حذفوا أداة الشرط تبعاً للشرط، أنا بوا طالما مقامهما فالتصقت الفاء بأداة الشرط وهو مستكره؛ لأن الفاء لا تباشر الأداة بل تدخل على الجزاء وقبلها الشرط فدعت الضرورة إلى الفصل بينهما بشيء مما بعد الفاء، وذلك حاصل بواحد لا أكثر لارتفاع الاستكراه بواحد اهـ. تقرير دردير قوله: (بواحد) أي: لا بأكثر من واحد. قوله: (الصفار) شارح كتب سيبويه.