حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

· (أما) بالفتح والتخفيف

صفحة 158 - الجزء 1

  وَفَضْلٍ}⁣[النساء: ١٧٤ - ١٧٥]، أي: وأما الذين كفروا بالله فلهم كذا وكذا؛ والثاني نحو: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ}⁣[آل عمران ٧]، أي: وأمَّا غَيْرُهم فيؤمنون به ويكلون معناه إلى رَبِّهِم، ويدل على ذلك: {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا}⁣[آل عمران: ٧]، أي: كل من المتشابه والمُحكّم من عند الله، والإيمان بهما واجب، وكأنه قيل: وأما الراسخون في العلم فيقولون؛ وهذه الآية في «أما» المفتوحة نظيرُ قولك في «إما» المكسورة «إما أن تَنْطِقَ بخير وإلا فَاسْكُتْ» وسيأتي ذلك. كذا ظهر لي، وعلى هذا فالوقف على {إِلَّا اللَّهُ}⁣[آل عمران: ٧] وهذا المعنى هو المشار إليه في آية البقرة السابقة فتأملها.

  وقد تأتي لغير تفصيل أصلاً، نحو: «أما زيد فمنطلق».

  وأما التوكيد فقلَّ مَنْ ذَكَرَهُ، ولم أَرَ مَنْ أحْكَمَ شَرْحه غير الزمخشري؛ فإنه قال:


  إحسان زائد على ذلك فقد طوى ذكر القسم المقابل لهذا استغناء بذكره عنه. قوله: (والثاني) أي: وهو ما يذكر في موضعه كلام بعد أما الأولى قوله: (ويدل على ذلك والراسخون في العلم) أي: فقد حذف هذا القسم وذكر في موضعه ما يدل عليه. قوله: (وإلا فاسكت) أي وإما أن تسكت.

  قوله: (كذا) أي: كون المكسورة نظير المفتوحة في كون المعادل محذوفاً أو استغنى عنه بكلام قوله: (فالوقف على إلا الله) أي: والواو للاستئناف وعلى هذا فالعدول عن صريح التقابل بأما أنفة بالراسخين عن مقابلة الزائغين صريحاً كما أنه خص الراسخين أن بالذكر مع أن هذا صفة أهل العلم، بل أهل الإسلام مطلقاً إشاره إلى أنه لا مجال فوق هذا ويحتمل العطف على لفظ الجلالة ويحمل على متشابه يعلم وجملة يقولون حال إشارة لبذل الجهد في حسن التأويل حيث علموا أنه من عند الرب. قوله: (فالوقف على إلا الله) أي: الذي والابتداء بالراسخون لأنه المعادل لأما في المعنى ولو عطفت لما كانت معادلة. قوله: (هذا المعنى) أي: الذي ذكر من انقسام الخلق في المتشابه إلى قسمين مؤمنين به مسلمين فيه إلى الله اعتقاده حقيقة المراد عنده، وزائغين عن الحق بتأويله إلى ما يوافق اعتقادهم الباطل. قوله: (المشار إليه في آية البقرة السابقة) وهي قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا}⁣[البقرة: ٢٦] الخ. قوله: (فتأملها) أي: فتجدها موافقة لحاصل المعنى من آية آل عمران وفيه نظر إذ ليس معناهما واحداً كما هو ظاهر اهـ. دماميني. وكأنه أراد اختلاف الموضوع فإن الأولى في ضرب الأمثال وهذه في المتشابه وقد يقال إن في التمثيل بالحقير اشتباها في الحكمية تأمل. قوله: (فإنه قال) أي: في كشافه.