حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

[في ذكر أمور كلية يتخرج عليها ما لا ينحصر من الصور الجزئية]

صفحة 507 - الجزء 3

[في ذكر أمور كلية يتخرج عليها ما لا ينحصر من الصور الجزئية]

وهي إحدى عَشَرَةَ قاعدة.

القاعدة الأولى

  قد يُعطى الشيء حكم ما أشبهه في معناه، أو في لفظه، أو فيهما.

  فأما الأول فله صور كثيرة:

  إحداها: دخول الباء في خبر «أنّ» في قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ}⁣[الأحقاف: ٣٣] لأنه في معنى: أو ليس الله بقادر، والذي سهل ذلك التقدير تباعُدُ ما بينهما، ولهذا لم تدخل في {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ}⁣[الإسراء: ٩٩].

  ومثله إدخال الباء في {كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا}⁣[الرعد: ٤٣] وغيرها لما دخله من معنى اكْتَفِ بالله شهيداً، بخلاف قوله [من الوافر]:


  الباب الثامن من الكتاب

  قوله: (فأما الأول) أي: وهو إعطاء الشيء حكم ما أشبهه في معناه. قوله: (في خبر ان) أي: التي عمل فيها فعل منفي؛ لأنه لا يتأتى لها شبه بليس إلا عند ذلك وتوضيح ذلك أنه لما كان العامل في أن فعلاً منافياً، فالنفي صير الكلام الذي من جملته خبر أن منفياً فشابه خبر ليس من حيث أن كلاً منفي قوله: (لأنه في معنى الخ) أي: لأن التركيب بتمامه في معنى الخ، والشيء يحمل على ما كان بمعناه قوله: (أوليس الله بقادر) أي: بدليل أنه جاء مصرح رحاً به في قوله تعالى: {أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ}⁣[يس: ٨١] قوله: (والذي سهل ذلك التقدير) أي: المجوز لدخول الباء في خبر إن قوله: (تباعد ما بينهما) أي: ما بين إن والخبر بذكر الجملة المعطوفة على الصلة فتباعد إن من الخبر صير إن كأنها غير مذكورة. قوله: (ولهذا) أي: ولأجل كون المسهل لذلك التقدير التباعد وقوله: لم تدخل أي: الباء في خبر إن في أولم يروا الخ لعدم التباعد. قوله: (ومثله) أي: مثل خبر إن في جواز دخول الباء عليه عند مشابهته خبر ليس. قوله: (في كفى بالله شهيداً) أي: فكفى لا يتعدى بالباء بل بنفسه ولكن لما ضمن معنى اكتف عدي بالباء، ولما كان من باب التضمين فصله وقال ومثله الخ.