حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

القاعدة الثانية

صفحة 528 - الجزء 3

  ويلزمهما استتار الضمير مع جريان الصفة على غير مَنْ هي له، وذلك لا يجوز عند البصريين وإن أمِنَ اللبس، وقولُ السيرافي: إن هذا مثل «مَرَرْتُ برجل قائم أَبَواهُ لا قاعِدَينِ» مردود؛ لأن ذلك إنما يجوز في الوصف الثاني دون الأول على ما سيأتي.

  ومن ذلك قولهم: «هَنَاني ومَرَأني» والأصل: أمرأني، وقولهم: «هُوَ رِجْسٌ نجس» بكسر النون وسكون الجيم، والأصل نَجِس بفتحة فكسرة، كذا قالوا: وإنما يتم هذا أن لو كانوا لا يقولون هذا نَجِس بفتحة فكسرة، وحينئذ فيكون محلّ الاستشهاد إنما هو الالتزام للتناسب، وأما إذا لم يلتزم فهذا جائز بدون تقدم رجس؛ إذ يقال


  قاعدين في المثال صفة لرجل؛ لأن المعطوف على الصفة صفة وهي جارية على غير من هي له؛ لأن ضمير قاعدين للأبوين ولم يبرز الضمير فيها وإلا لقيل قاعدين هما فكما جاز عدم الإبراز في قاعدين فليجز في خرب.

  قوله: (لأن ذلك) أي: جعل الوصف الجاري على غير من هو له غير محتو على الضمير إنما يجوز الخ. قوله: (إنما يجوز في الوصف الثاني) أي: لاشتماله على ضمير الموصوف استلزاماً فكأنه جار على من هوله بيان ذلك أن الضمير في قاعدين عائد على الأبوين المشتمل على ضمير الرجل؛ لأن الضمير في أبواه للرجل وضمير قاعدين عائد الأبوين المشتمل على ضمير الرجل وحينئذ فقاعدين مستلزم لضمير الرجل فمحل تعين إبراز الضمير في الصفة إذا جرت على غير من هي له إذا لم تكن محتوية على ضمير الموصوف استلزاماً وإلا لم يجب الإبراز. قوله: (إنما يجوز في الوصف الثاني دون الأول) أي: وخرب في المثال ليس وصفاً ثانياً مثل قاعدين فقياس خرب على قاعدين قياس مع الفارس. قوله: (على ما سيأتي) أي: في القاعدة الثامنة قوله: (ومن ذلك) أي: مما يعطي حكم المجاور واعلم أن ما ذكره من الأمثلة ما عدا قوله سلاسلا في الآية الأولى حذفه؛ لأنه لا دخل له في الإعراب الذي وعد أنه إنما يأتي في كتابه بالأحكام المتعلقة به. قوله: (هنأني) أي: أتاني هنيئاً بلا مشقة وقوله ومرأني أي: جعل عيشي مريئاً أي: حميد المعيشة مستحسناً إلا أن الهمزة حذفت منه عند اقترانه بهنأني طلباً للمشاكلة. قوله: (بفتحة فكسرة) أي: فكسروا النون وسكنوا الجيم طلباً لمشاكلة ما قبله.

  قوله: (كذا قالوا) أي: قال العلماء أن الكسر والسكون في رجس نجس لأجل المشاكلة. قوله: (وإنما يتم هذا) أي: ما قالوه، وقوله: أن لو كانوا أي: العرب لا يقولون هنا، أي: عند اجتماع رجس ونجس. قوله: (وحينئذ) أي: وحينئذ كانوا لا يقولون عند الاجتماع نجس بفتح فسكر وقوله: إنما هو الالتزام أي: التزام الكسر والسكون، وقوله: للتناسب متعلق بالاستشهاد قوله: (وأما إذا لم يلتزم) أي: الكسر مع السكون عند الاجتماع بأن كانوا تارة يكسرون النون ويسكنون الجيم وتارة يفتحون النون ويكسرون الجيم فلا يكون الكسر مع الإسكان شاهداً للتناسب؛ لأن هذا جائز بدون تقدم