حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

وهي إحدى عشرة قاعدة

صفحة 541 - الجزء 3

  ٩٢٧ - فَارَقَنا قَبْلَ أَنْ نُفَارِقَهُ ... لَمَّا قَضَى مِنْ جِمَاعِنَا وَطَرَا

  أي: أراد فراقنا.

  وفي كلامهم عكس هذا؛ وهو التعبير بإرادة الفعل عن إيجاده، نحو: {وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ}⁣[النساء: ١٥٠] بدليل أنه قوبل بقوله سبحانه وتعالى: {وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ}⁣[النساء: ١٥٢].

  والرابع: القدرة عليه، نحو: {وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ ١٠٤}⁣[الأنبياء: ١٠٤]، أي:


  قوله: (لما قضى جماعنا وطراً) أي: اجتماعنا وفي التعبير بجماعنا فحش خصوصاً مع قضاء الوطر والعجب من المصنف في إيراده هذا البيت الشنيع الفاحش مع أنه في غنية عن إيراده بما أورده من الكتاب والسنة ونظير هذا البيت ما وقع في الحماسة لأبي تمام من قول الربيع بن مالك يرثي مالك بن زهير العبسي:

  من كان مسروراً بمقتل مالك ... فليأت نسوتنا بوجه نهارِ

  يجد النساء حواسر يندبنه ... بالصبح قبل تبلج الأسحار

  ويروي:

  يلطمن أوجههن بالأسحار

  قال الإمام المرزوقي: إني لأتعجب من أبي تمام مع تكلفه رم جوانب ما اختاره من الأبيات كيف ترله قوله فليأت نوتنا وهي لفظة شنيعة وأصلحه المرزوقي بقوله:

  فيأتِ ساحتا بوجه نهار

  واعترض على الربيع في قوله: بالصبح قبل تبلغ الأسحار بأن الصبح لا يكون إلا بعد تبلج الأسحار فكيف يقول قبله وأجيب بأن المراد بقوله يندبنه بالصبح أي: بالمزايا الواضحة كالصبح. قوله: (عكس هذا) أي: يطلقون الإرادة على الوقوع بالفعل. قوله: (ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله) أي: فهم فرقوا بالفعل فآمنوا بالله وكفروا برسله بدليل المقابلة بالمؤمنين بقوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ}⁣[النساء: ١٥٢] وأدلة الأدباء يكفيها الظهور، ولا يشترط أن تكون قطعية. قوله: (القدرة عليه) أي: انهم يعبرون بالفعل ويريدون القدرة عليه. قوله: (وعداً علينا أنا كنا فاعلين) قبله كما بدأنا أول خلق نعيده الكاف متعلقة بنعيده وضميره عائد على أول خلق وما مصدرية، أي: نعيد أول خلق بعد إعدامه كبدئنا إياه وقوله: وعداً منصوب بوعدنا مقدر أي: ووعدنا بذلك وعداً علينا إنا كنا فاعلين أي قادرين على فاوعدنا به من الإعادة.


٩٢٧ - التخريج: البيت للربيع بن ضَبُع الفزاري في (شرح أبيات المغني ٨/ ٩٠ - ٩١).

اللغة: الجماع: الاجتماع، الوطر: الحاجة.

المعنى: تركنا قبل أن نتركه لما قضى من اجتماعه بنا غايته.