القاعدة السادسة
  [النحل: ١٢٤] لأن لام الابتداء للحال ونحو {هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ}[القصص: ١٥] إذ ليس المراد تقريب الرجلين من النبي ﷺ، كما تقول: «هذا كتابك فخذه»، وإنما الإشارة كانت إليهما في ذلك الوقتِ هكذا فحكيت؛ ومثله {وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا}[فاطر: ٩] قصد بقوله سبحانه وتعالى: {فَتُثِيرُ} إحضار تلك الصورة البديعة الدالة على القدرة الباهرة من إثارة السحاب، تبدو أولاً قطعاً ثم تتضام متقلبة بين أطوَارٍ حتى تصير رُكَاماً؛ ومنه {ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ٥٩}[آل عمران: ٥٩]، أي: فكان، {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ ٣١}[الحج: ٣١]، {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ}[القصص: ٥] إلى قوله تعالى: {وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ}[القصص: ٦]، ومنه عند الجمهور {وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ} أي: يَبْسُط ذراعيه، بدليل {وَنُقَلِّبُهُمْ} ولم يقل: وقلبناهم؛ وبهذا التقرير يندفع قول الكسائي وهشام: إن اسم الفاعل الذي بمعنى الماضي يعمل، ومثله {وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ ٧٢}[البقرة: ٧٢] إلا أن هذا على حكاية حال كانت مستقبلة وقت التدارؤ؛ وفي الآية الأولى حكيت الحال الماضية،
  الآتي. قوله: (لأن لام الابتداء للحال) أي: فإذا دخلت على مضارع صيرته نصاً في الحال، وأولى بها مع أن الحكم مستقبل قصداً لاستحضار الصورة فاندفع ما يقال إن المضارع صالح الاستقبال.
  قوله: (إذ ليس المراد تقريب الرجلين) أي: قربهما كما تفيده الإشارة بهذا قوله: (فحكيت) أي: إلى النبي ﷺ بمثل ما وقعت. قوله: (الخ) أي: وإلا فكان مقتضى الظاهر أن يقال فأثار سحاباً. قوله: (قطعاً) أي: متفرقة وقوله: ثم تنضام أي: فتصير قطعة واحدة. قوله: (ركاماً) أي: بعضه فوق بعض قوله: (أي يخر) لأن يشرك مستقبل. قوله: (ونريد أن نمن) أي: وأردنا أن نمن الخ وأرينا فرعون الخ. قوله: (أي تبسيط الخ) أي: فهو من حكاية الحال الماضية حيث فرض البسط الواقع في الماضي واقعاً في الحال وعبر عنه باسم الفاعل. قوله: (وبهذا التقرير) أي: من أن باسط للحال تأويلاً أو على أنه تقدير فعل قوله: (والله مخرج الخ) قبله وإذ قتلتم نفساً فادارأتم فيها أي: واذكروا أي: يا بني اسرائيل إذ قتلتم نفساً فادارأتم، أي تخاصمتم وتدافعتم بسببها والله مخرج، أي: يخرج ويظهر ما كنتم تكتمونه من أمرها فالإخراج مستقبل بالنسبة لوقت التداريء لا أنه كان حاصلاً في الحال فهو من حكاية الحال المستقبلة حيث فرض الإخراج الواقع في المستقبل حتى التدارى واقعاً في الحال وعبر عنه باسم الفاعل. قوله: (والله مخرج) أي: التخاصم والتدافع وإن كانت ماضية وقت قص ذلك على النبي ﷺ وإنزال هذه الآية عليه. قوله: (وفي الآية الأولى) أي: باسط. قوله: (حكيت الحال الماضية) أي: لأن البسط وقع