القاعدة العاشرة
  فيمن نصب المزاج، فجعل المعرفة الخبر والنكرة الاسم، وتأوَّله الفارسي على أن انتصاب المزاج على الظرفية المجازية، والأولى رفع «المزاج» ونصب «العسل»؛ وقد رُوي كذلك أيضاً؛ فارتفاعُ «ماء» بتقدير: وخالَطَها ماء؛ ويروى برفعهن على إضمار الشأن؛ وأما قول ابن أسد إن كان زائدة فخطأ؛ لأنها لا تزاد بلفظ المضارع بقياس، ولا ضرورة تدعو إلى ذلك هنا، وقول رؤبة [من الرجز]:
  ٩٣٩ - وَمَهْمَهِ مُغْبَرَّةٍ أَرْجَاوُهُ ... كَأَنَّ لَوْنَ أَرْضِهِ سَمَاؤُهُ
  أي: كأن لون سمائه لغبرتها لون أرضه فعكس التَّشبيه مبالغة، وحذف المضاف، وقال آخر [من المتقارب]:
  ٩٤٠ - فَإِنْ أَنْتَ لاقيْتَ فِي نَجْدَةٍ ... فَلَا تَتَهَيِّبْكَ أَنْ تُقْدِمَا
  بخمر مزجت بعسل أو بطعم تفاح.
  قوله: (فجعل الخ) أي: فجعل المبتدأ الذي حقه التعريف نكرة وهو عسل وجعل الخبر الذي حقه التنكير معرفة فهذا دليل على القلب حيث خالف الأصل. قوله: (على الظرفية) أي: تكون في مزاجها قوله: (وقد روي) أي: البيت كذلك أي برفع المزاج ونصب العسل ورفع الماء، وقوله أيضاً أي كما روي بالعكس. قوله: (فارتفاع من) أي: هذه الرواية قوله: (ويروي برفعهن) أي: الثلاثة قوله: (وأما قول ابن أسد) أي: في توجيه رواية رفع الثلاثة قوله: (ولا ضرورة تدعو إلى ذلك) أي: إلى جعلها زائدة لصحة جعلها شأنية. قوله: (ومهمه الخ) المهمة المفازة والمغبرة المتلونة بلون الغبار وأرجاؤه نواحيه وأطرافه جمع رجا بالقصر وبعد البيت:
  وصيحت في ليلة أصداؤه ... داع دعا ما أدر ما دعاؤه
  قوله: (فعكس التشبيه) أي: لأنه عند الهجاء إنما تتغير السماء أي جهتها من الغبار الصاعد فيصير كالأرض. قوله: (مبالغة) يعني مبالغة في غبرة لون السماء حتى كأنه أصل في الغبرة، وقوله وحذف المضاف أي لسماء. قوله: (فإن أنت لاقيت الخ) النجدة تطلق
٩٣٩ - التخريج: الرجز لرؤبة في (ديوانه ص ٣؛ والأشباه والنظائر ٢/ ٢٩٦؛ وخزانة الأدب ٦/ ٤٥٨؛ وشرح التصريح ٢/ ٣٣٩؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٩٧١؛ ولسان العرب ١٥/ ٩٨ (عمى)؛ ومعاهد التنصيص ١/ ١٧٨؛ والمقاصد النحوية ٤/ ٥٥٧؛ وبلا نسبة في أمالي المرتضى ١/ ٢١٦؛ والإنصاف ١/ ٣٧٧؛ وأوضح المسالك ٤/ ٣٤٢؛ وجواهر الأدب ص: ١٦٤؛ وسرّ صناعة الإعراب ٢/ ٦٣٦، ٦٣٧؛ وشرح المفصل ٢/ ١٨؛ والصاحبي في فقه اللغة ص ٢٠٢).
المعنى: يقول: ورب بلد اغبرت نواحيه حتى أصبح لون سمائه شبيه بلون أرضه.
٩٤٠ - التخريج: البيت للنمر بن تولب في (ديوانه ص ٣٧٨؛ والمقاصد النحوية ٤/ ١٥٢؛ وخزانة الأدب ١١/ ١٠٠؛ وبلا نسبة في المخصص ١٣/ ٢٦٤). =