حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

· (أو) - حرف عطف

صفحة 183 - الجزء 1

  لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً}⁣[البقرة: ٢٣٦]، فقدر {تَفْرِضُوا} منصوباً بـ «أن» مضمرة، لا مجزوماً بالعطف على {تَمَسُّوهُنَّ} لئلا يصير المعنى لا جناح عليكم فيما يتعلق بمُهورِ النّساء إن طلقتموهنَّ في مدة انتفاء أحد هذين الأمرين، مع أنه إذا انتفى الفَرْضُ دون المَسِيس لزم مهر المثل، وإذا انتفى المسيس دون الفَرْضِ، لزم نصفُ المسمى، فكيف يصح نَفْي الجُنَاحَ عند انتفاء أحد الأمرين؟ ولأن المطلقات المفروض لهنَّ قد ذُكِرْنَ ثانياً بقوله تعالى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ} الآية [البقرة: ٢٣٧]، وترك ذكر المَمْسُوسات لما تقدَّم من المفهوم، ولو كان {تَفْرِضُوا} مجزوماً لكانت الممسوسات والمفروض لهنّ مستويين في الذكر، وإذا قدرت «أو» بمعنى: إلا، خرجت المفروض لهنَّ عن مشاركة الممسوسات في الذكر.


  قوله: (بأن مضمرة) أي: ليصير المعنى لا جناح عليكم في مهور النساء إن طلقتموهن في مدة انتفاء المسيس إلا أن تفرضوا لهن أي إلا وقت فرضكم لهن مهراً مسمى فيثبت الجناح حينئذ وهو غرم نصف المهر المسمى، فقدر هذا القائل لإفادة هذا المعنى تفرضوا منصوباً على الوجه المذكور اللائي لم يفرض لهن.

  قوله: (لا مجزوماً بالعطف على تمسوهن) أي: لوجهين فقوله لئلا يصير المعنى الخ هو الوجه الأول، وقوله ولأن المطلقات الخ هو الوجه الثاني المانع من الجزم فقوله ولأن المطلقات الخ عطف على لئلا الخ وهو رد ثانٍ على وجه الجزم. قوله: (أحد هذين الأمرين) هما المسيس والفرض مع أنه قد تقرر في الشرع إثبات الجناح على من طلق عند انتفاء أحد هذين الأمرين ووجود الآخر. قوله: (لأن المطلقات) أي: اللاتي لم يمسسن وحاصله أن جعل قوله أو تفرضوا مجزوماً عطفاً على تمسوهن يؤدي لاختلاف الآيتين آيتين نسقاً، وأما على جعله منصوباً بأن مضمرة بعد أو التي بمعنى إلا فلا يلزم عليه تخالف الآيتين نسقاً وعدم التخالف أولى فما أدلى إليه من جعل أن بمعنى إلا أولى. قوله: (إلا آية) يعني قوله تعالى: {مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ}⁣[البقرة: ٢٣٧]. قوله: (لما تقدم) علة لتركه ذكر الممسوسات أي إنما ترك الكلام على الممسوسات لعلمه من مفهوم ما تقدم وهو قوله ما لم تمسوهن فإنه يفيد أنه إن مس فيه شيء وهو الصداق بالإجماع. قوله: (مستويان في الذكر) أي: بحسب المفهوم وحينئذ فلا وجه لانفراد أحدهما بالذكر في قوله وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن الخ دون الآخر وقد يقال أنه لا مانع من أفراد أحد المفهومين بالذكر لكونه أخفى مثلاً. قوله: (مستويان في الذكر) فيتخالف الآيتان نسقاً. قوله: (خرجت المفروض لهن الخ) أي: لأن المعنى لا جناح عليكم إن طلقتموهن ما لم تمسوهن ثم أتى بقوله إلا أن تفرضوا فالمفروضات ليس مذكوراً على أنه مساو للممسوسات في النفي بلم بل المفروضات مذكور على أنه مستثنى وقد يقال إن الاستثناء مفهوم أيضاً فما ذكر مشترك الإلزام.