تنبيه - التحقيق أن «أو» موضوعة لأحد الشيئين أو الأشياء
  تنبيه - التحقيق أن «أو» موضوعة لأحد الشيئين أو الأشياء، وهو الذي يقوله المتقدمون، وقد تخرجُ إلى معنى «بَلْ»، وإلى معنى الواو. وأما بقية المعاني فمستفادة من غيرها، ومن العجب أنهم ذَكَرُوا أنَّ من معاني صيغة أفعل التخيير والإباحة، ومثلوه بنحو: «خُذ من مالي درهماً أو ديناراً»، أو «جالس الحسنَ أو ابن سيرين»، ثم ذكروا أن «أو» تفيدهما، ومثلوا بالمثالين المذكورين لذلك، ومن البين الفساد هذا المعنى العاشر، و «أو» فيه إنما هي للشك على زعمهم، وإنما أستفيد معنى التقريب من إثبات
  قسماً مستقلاً برأسه خارجاً عما مر. قوله: (لأحد الشيئين أو الأشياء) أي: لتعليق الحكم بأحد الأمرين المذكورين قبلها أو بعدها أو الأمور. قوله: (وقد تخرج إلى المعنى بل) وهو الإضراب لا تكون حينئذ لأحد الشيئين أو الأشياء. قوله: (وإلى معنى الواو) أي: فتفيد جمع المتعاطفين في الحكم ولا تكون حينئذ لأحدهما بل لهما معاً. قوله: (فمستفادة من غيرها) أي: كقرائن المقام، اعلم أن المعاني اثنا عشر ذكر ثلاثة بقوله موضوعة فالباقي تسعة الباطل منها ثلاثة التي أبطلها فالباقي ستة الشك، وهو مستفاد من حال المتكلم هو تردده والإباحة من الصيغة والإبهام من حال المتكلم؛ لأن السامع إذا علم أن المتكلم عالم بأحد الشيئين وإلقاء الكلام له على وجه الشك فهم أن ذلك إبهام عليه والتخيير من أصل وضعها لأحد الأمرين؛ لأن المتكلم قصد أحد الأمرين والتقسيم فمن أصل وضعها لأن المتكلم قصد تحقيق الكلي في أحد جزئياته وهذا ظاهر في تقسيم الكلي، وأما تقسيم الكل فأو فيه بمعنى الواو فعلمت من هذا أن تقسيم الكلي إلى جزئياته يجوز فيه التعبير بأو والواو، وأما تقسيم الكل فيتعين فيه أو.
  قوله: (خذ من مالي الخ) هذا مثال التخيير وقوله وجالس الحسن الخ مثال للإباحة. قوله: (ثم ذكروا أن أو تفيدهما) أي: وهذا تناقض في كلام الأئمة الذين يثبتون القواعد لأنهم تارة قالوا الدال على الإباحة والتخيير أفعل، وتارة قالوا الدال على ذلك أو والجواب إن كلا من التخيير والإباحة لا يستفادان إلا من أفعل بواسطة أو فهم تارة لاحظوا أن المقيد لهما هذا وتارة لاحظوا أن المفيد لهما هذا، وإن كان في الحقيقة إنما الدال عليهما هذان الشيآن المتضمنان فإن قلت يلزم على هذا وضع لفظين وهما صيغة أفعل واو لعني أي بحيث لا يستفاد المعنى إلا من هذين والجواب أن أصل وضع أو لأحد الشيئين أو الأشياء وأصل وضع أفعل للطلب فاستعملت في الإباحة تجوز أو القرينة أو الحال فصيغة أفعل مستعملة لغير ما هو له بقرينة أو وحال المتكلم فأولها دخل في الإباحة من حيث إنها قرينة تأمل اهـ. دردير، وإن كان استفادة التخيير من أو أشد واستفادة الإباحة من الصيغة أشد.
  قوله: (إنما هي للشك الخ) أي: صورة وإلا فهو عالم بحقيقة الأمر وقوله على زعمهم أي الحريري وغيره المثبت لهذا الحال لأو. قوله: (إنما هي للشك الخ) الواو بمعنى لام العلة فلما قبله وقوله على زعمهم المناسب على زعمه أي المتكلم بهذا الكلام أي على مقتضى ظاهر حاله وتجاهله وإلا فهو ليس شاكاً بحسب اعتقاده. قوله: (على زعمهم) أي: من أن