حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

· (إلا) بالكسر والتشديد

صفحة 199 - الجزء 1

  أحدهما: أنه لا يجوز حذف موصوفها، لا يقال: «جَاءَني إلا زيد»، ويقال: «جَاءَنِي غَيْرُ زَيْدِ»، ونَظِيرُهَا في ذلك الْجُمَلُ والظروفُ، فإنها تقع صفات، ولا يجوز أن تَنُوبَ عن موصوفاتها.

  والثاني: أنه لا يوصف بها إلا حيث يصح الاستثناء، فيجوز «عندي درهم إلا دانق» لأنه يجوز إلا دائقاً، ويمتنع «إلا جيد»، لأنه يمتنع إلا جيداً، ويجوز «دِرْهَمْ غَيْرُ جيد» قاله جماعات. وقد يُقال إنّه مخالف لقولهم في {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ} الآية [الأنبياء: ٢٢]، ولمثال سيبويه «لو كان معنا رجل إلا زيد لغلبنا».

  وشَرَطَ ابن الحاجب في وقوع «إلا» صفة تعذرَ الاستثناء، وجعل من الشاذ قوله


  قوله: (حذف موصوفها) أي إلا بمعنى غير قوله: (جاءني إلا زيد) أي: بحذف الموصوف. قوله: (ويقال جاءني غير زيد) أي: بحذفه لأصالة غير في الوصفية وتطفل إلا عليها في ذلك فلم تقو قوتها اهـ. دماميني قوله (ونظيرها) أي نظير إلا بمعنى غير في ذلك أي في وقوعها صفة مع امتناع حذف موصوفها قوله (الجمل والظروف) نحو مررت برجل عندك أو في الدار فلا يجوز حذف رجل وإقامة عند أو في الدار مقامه بحيث تقول مررت بعندك أو بفي الدار وكذلك الجمل نحو مررت برجل أبوه منطلق فلا تقول مررت بأبوه منطلق ومحل منع حذف الموصوف بالجمل إذا لم يكن الموصوف بعض مجرور بمن أو في نحو منا ظعن ومنا أقام، أي منا فريق ظعن ومنا فريق أقام، فالفريق الذي هو الموصوف بعضنا الذي هو مجرور بمن ونحو:

  لو قلت ما في قومها لم تيثم ... يفضلها في حسب وميسم

  فإن جملة يفضلها صفة لأحد محذوف وهو بعض قومها المجرور بفي فالمصنف أطلق في مقام التفصيل في قوله الجمل اهـ تقرير دردير قوله: (إلا حيث يصح الاستثناء) أي: بأن كان فيه عموم قوله: (عندي درهم إلا دانق) مخالف للدرهم لأن الدرهم ست دوانق فالدانق سدس الدرهم فلم يتطابقا اهـ تقرير دردير قوله: (لأنه يجوز إلا دانقاً) بالنصب على الاستثناء لدخول المستثني في المسنثنى منه فيلزمه خمس دوانق. قوله: (ويمتنع إلا جيد) أي: بالرفع على الوصف. قوله: (لأنه يمتنع إلا جيداً) أي: بالنصب على الاستثناء لعدم شمول الدرهم المنكر في سياق الإثبات للجيد وغير الجيد فلا عمود فلا يصح الاستثناء قوله: (غير جيد) أي: ويرفع غير على الوصف مع عدم صحة الاستثناء ففارقت إلا في ذلك قوله: (إنه مخالف الخ) أي: لأنه لا في الآية ومثال سيبويه لا صيح الاستثناء لعدم العموم مع إنها بمعنى غير فالوجه الثاني لا يصح. قوله: (وشرط ابن الحاجب الخ) هذا ضد الوجه الثاني فهو مخالف لما قاله أولاً عن النحاة. قوله: (تعذر الاستثناء) أي: كما في الآية وكما في مثال سيبويه.