حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

· (إلا) بالكسر والتشديد

صفحة 200 - الجزء 1

  [من الوافر]:

  ١٠٦ - وَكُلُّ أخ مُفَارِقهُ أخوه، ... لَعَمْرُ أَبِيكَ، إلا الْفَرْقَدانِ

  والوصف هنا مخصص لا مؤكد، كما بينت من القاعدة.

  والثالث: أن تكون عاطفة بمنزلة الواو في التشريك في اللفظ والمعنى، ذَكَرَه الأخفش والفَرَّاء وأبو عبيدة، وجعلوا منه قوله تعالى: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ}⁣[البقرة: ١٥٠]، {لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ ١٠ إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ}⁣[النمل: ١٠ - ١١]، أي: ولا الذين ظلموا، ولا مَنْ ظلم، وتَأَوَّلهما الجمهور على الاستثناء المنقطع.


  قوله: (إلا الفرقدان) ليس استثناء لأنه لم ينصب بعد الكلام التام الموجب فتعين إنه صفة ولم يتعذر الاستثناء فهو شاذ إذ كان يمكنه أن يقول إلا الفرقدين وفيه أيضاً شذوذان الأول: أن الفرقدان وصف لكل الذي هو مضاف والشأن أن الصفة للمضاف إليه، والثاني: الفصل بين الموصوف وهو كل أخ والصفة أي إلا الفرقدان بالخبر وهو يفارقه أخوه وهو أجنبي اهـ تقرير دردير والفرقدان نجمان قريبان من القطب. قوله: (والوصف هنا مخصص) أي: لأن كل أخ مطابق لقوله الفرقدان لأن المعنى كل أخوين متفارقان وكل بعض ما تضاف إليه فهي مثنى كالفرقدان اهـ تقرير دردير قوله: (لما بينت من القاعدة) أي: المتقدمة من إنه متى طابق ما بعد إلا موصوفها فالوصف مخصص وإلا فمؤكد. قوله: (في التشريك في اللفظ والمعنى) أي: بأن يكون كل واحد مرفوعاً مثلاً. قوله: (إلا الذين ظلموا) أي فإلا بمعنى الواو وإلا لكان المعنى إن الذين ظلموا لهم حجة ولا يصح هذا فهو من عطف الخاص بعد العام. قوله: (إلا من ظلم) إلا بمعنى الواو وإلا كان المعنى إن الذين ظلموا ثم بدلوا إحسان بعد ذلك يخافون وهو لا يصح. قوله: (أي ولا الذين ظلموا الخ) إنما قدر لا بعد الواو توكيداً للنفي السابق. قوله: (على الاستثناء المنقطع) أي:


١٠٦ - التخريج: البيت لعمرو بن معد يكرب في (ديوانه ص ١٧٨؛ والكتاب ٢/ ٣٣٤؛ ولسان العرب ١٥/ ٤٣٢ (ألا)؛ والممتع في التصريف ١/ ٥١؛ ولحضرمي بن عامر في تذكرة النحاة ص ٩٠؛ وحماسة البحتري ص ١٥١؛ والحماسة البصرية ٢/ ٤١٨؛ وشرح أبيات سيبويه ٢/ ٤٦؛ والمؤتلف والمختلف ص ٨٥؛ ولعمرو أو لحضرمي في خزانة الأدب ٣/ ٤٢١؛ والدرر ٣/ ١٧٠؛ وشرح شواهد المغني ١/ ٢١٦؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٨/ ١٨٠؛ وأمالي المرتضى ٢/ ٨٨؛ والجنى الداني ٥١٩؛ وخزانة الأدب ٩/ ٣٢١، ٣٢٢؛ ورصف المباني ص ٩٢؛ وشرح الأشموني ١/ ٢٣٤؛ وشرح المفصل ٢/ ٨٩؛ والعقد الفريد ٣/ ١٠٧، ١٣٣؛ وفصل المقال ص ٢٥٧؛ والمقتضب ٤/ ٤٠٩؛ وهمع الهوامع ١/ ٢٢٩).

اللغة: الفرقدان نجمان يهتدى بهما.

المعنى: أقسم بعمر أبيك أن لا بد للأخ أن يفارق أخاه يوماً، وكذلك الفرقدان سيتفارقان يوماً.