حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

· (إلا) بالكسر والتشديد

صفحة 207 - الجزء 1

  قال ابن مالك: ويمكن أن يكون منه: {لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ}⁣[النساء: ٨٧]، وتأوّل بعضُهم البيت على تعلق «إلى» بمحذوف، أي: مطلي بالقار مضافاً إلى «الناس»، فحذف وقلب الكلام، وقال ابن عصفور هو على تضمين «مطلي معنى «مُبَغض»، قال: ولو صح مجيء «إلى» بمعنى في لجاز «زيد إلى الكوفة».

  والسادس الابتداء، كقوله [من الطويل]

  ١١١ - تَقُولُ وَقَدْ عَالَيْتُ بِالْكُورِ فَوْقَهَا: ... أَيُسْقَى فَلا يَرْوَى إِليَّ ابْنُ أَحْمَرَا؟


  والأجرب ذو الجرب أي كأنني في الناس جمل أجرب جُعل عليه القار. قوله: (ويمكن الخ) إنما قال ويمكن ولم يجزم لاحتمال أن يكون قوله ليجمعنكم ضمن معنى ليضمنكم فعدى لأجل ذلك بإلى أو إن إلى متعلقة بمحذوف أي ليجمعنكم مضمومين إلى يوم القيامة أي إلى قيامه. قوله: (فحذف) أي: الشاعر متعلق الجار وهو مضافاً وقوله وقلب الكلام أي لأنه كان في الأصل مطلي بالقار فقلب وبالغ حتى جعل نفسه الذي يطلي به ويتداوى به. قوله: (مبغض) بالتشديد أي مكره أي وهو يتعدى بإلى قال تعالى {وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ}⁣[الحجرات: ٧] وكان الأولى أن يقول معنى مكره ولو قيل إلى متعلقة بمحذوف وهو حان من اسم كان أي كأنني مبغضاً إلى الناس بسبب الوعيد كجمل أجرب طلي به القار أي جعل فيه أو اتصف به لكان وجيهاً اهـ دماميني. قوله: (زيد إلى الكوفة) بمعنى في الكوفة فلما لم تقل هذا العرب وجب أن يأول ما أوهم ذلك، ولهذا ارتكب تأويله بما ذكر. قوله: (الابتداء) أي: ابتداء الغاية.

  قوله: (وقد عاليت بالكور) أي: رفعت الكور والكور بضم الكاف الرحل ويروى بفتح الواو مضارع، روي بكسرها إذا زال عطشه بالشرب وهو إنما يتعدى بمن تقول، رويت من الماء والشاعر عداه بإلى فتكون بمعنى من التي لابتداء الغاية والمراد أن ناقة هذا الشاعر تشكو منه حيث جعل الكور عليها قائلة بلسان الحال أيركبني فلا يترك ركوبي ولا يمل منه على طريق الاستعارة والتمثيلية شبهت حالته في ذلك بحال من يسقي من شيء فلا يروى منه وخرج ما في البيت على تقدير فلا يروى ظمؤه إليَّ أي بحذف المضاف اهـ


= اللغة: الوعيد التهديد. مطلي: مدهون القار: الزفت. الأجرب: المصاب بداء الجرب.

المعنى: أرجو ألا تهددني، فيتحاشاني الناس، كما يتحاشون الأجرب المدهون بالزفت ليشفى.

١١ - التخريج: البيت لابن أحمر في (ديوانه ص ٨٤؛ وأدب الكاتب ص ٥١١؛ والجنى الداني ٣٨٨؛ والدرر ٤/ ١٠٢؛ وبلا نسبة في شرح الأشموني ٢/ ٢٨٩؛ وشرح شواهد المغني ١/ ٢٢٥؛ وهمع الهوامع ٢/ ٢٠).

اللغة: عاليته: رفعته عالياً. الكور: الرحل وهو ما يوضع على الناقة لتُركب.

المعنى: يتحدث بلسان ناقته، عندما رفع الرحل ليضعه فوقها، استعداداً ليسافر، فيقول عنها: ما باله لا يشبع من السفر فوقي.